ربيعي العربي ووطني كندا

كتاب قام بتأليفه اثنان من المؤلفين المتميزين هما قيس غانم و إيلي ميخائيل نصر الله. تخرج الدكتور قيس غانم في كلية الطب بجامعة إدنبره باسكوتلنده ثم هاجر إلى كندا عام 1970 ، ويقدم حالياً برنامجاً إذاعياً على شبكة قنوات تشين في أوتاوا بعنوان حوار مع التنوع الثقافي. أما الأستاذ إيلي نصر الله فقد أمضى سنواته الأولى في لبنان ، وتخرج في جامعة كارلتون بكندا متخصصاً في العلوم السياسية. ويعمل الأستاذ نصر الله كاتباً وناقداً صحفياً في عدد من كبريات الصحف في كندا والشرق الأوسط. 

يقول المؤلفان إن كتابهما موجّه إلى الكنديين العاديين من أصول عربية وإلى الأجيال اللاحقة للمهاجرين العرب. ويضيف المؤلفان أن الهدف من كتابهما هو تحدي المواطن العربي الكندي على نحو يدفعه إلى التفكير بأسلوب جديد للتصرّف بشكل جديد. 
 
يتعرّف القارئ من خلال الكتاب كيف أن كندا هي وطن مليء بالتحديات والمواضيع الشائكة والبالغة الأهمية ، وكيف شهد هذا الوطن تغييرات كثيرة في العقود القليلة الماضية بفعل حركة الهجرة ، والتي خلقت بلداً جديداً ومختلفاً. يشار إلى أن 17% من سكان كندا ولدوا في دول أجنبية. لقد أصبحت مسألة الهجرة بمثابة مناظرة هادفة تتجاذب أطرافها جميع فئات المجتمع الكندي. 
 
يستشهد المؤلفان في كتابهما بكلمات لمايكل أدمز يقول فيها: إن أكثر من 15 في المئة من الكنديين كانوا من المهاجرين في عام 1960، أتى أغلبهم من بريطانيا ودول أوروبية أخرى. هذا ولم تولد التعددية الثقافية آنذاك فحسب ، بل أن سياسات الهجرة بقيت على شكلها العنصري الواضح: إلى أن تم حذف مسألة العرقية كأحد معايير الدخول إلى كندا رسمياً في عام 1962. 
 
أما اليوم فإن نظام الهجرة إلى كندا يعتمد على “النقاط” بالنحو التالي:
 
عوامل الاختيار
العامل الدراسي = 25 نقطة كحد أقصى
العامل اللغوي: إتقان إحدى اللغتين الإنكليزية أو الفرنسية = 24 نقطة كحد أقصى 
عامل الخبرة = 21 نقطة كحد أقصى
عامل السن = 10 نقاط كحد أقصى
عامل التوظيف المدبّر في كندا = 10 نقاط كحد أقصى
عامل التأقلم = 10 نقاط كحد أقصى
 
إجمالي عدد النقاط 100 نقطة. درجة النجاح = 67 نقطة. 
 
من الناحية التاريخية ، تعتبر كندا أحد المقاصد المفضّلة لهجرة اللبنانيين. إلا أن سياسة الهجرة الكندية عادة ما تمر بتعديلات عديدة أحدثها ما يصفه المؤلفان بأن تلك السياسة أضحت شبيهة بناد مفتوح  للنخبة القليلة فقط ممن يتمتعون بالمهارات المطلوبة أو ما شابه ذلك.  
 
تستند سياسة الهجرة في أساسها إلى توسيع وحماية المصالح الكندية. لذلك فمن المهم أن نتذكر أن الهجرة تعتبر عامل إثراء للوطن في أكثر من جانب. فالعديد من المهاجرين يسدون حاجة الدولة في أي نقص تواجهه في خلال أوقات زمنية معيّنة. 
 
 قيس غانم
إن كندا كما يعرفها أغلبنا , ومقارنة بمعظم الدول الأخرى ، تعد قليلة السكان. وهذا واقع حقيقي على الرغم من أن نسبة المهاجرين في كندا هي الأكبر مقارنة بتعداد السكان. وتشير الإحصاءات إلى أن تعداد  سكان كندا في الوقت الحاضر يبلغ أربعة وثلاثين مليون نسمة ، في حين أن تعداد سكان جارتها الولايات المتحدة الأقل مساحة منها يبلغ أكثر من ثلاثمئة مليون نسمة. بالتالي يمكن إبراز القيمة الحقيقية للهجرة من خلال عرض حقيقتين ، الأولى هي أن نصف الشركات الكبرى في كندا إما أنها تأسست أو ساهم في تأسيسها المهاجرون. أما الحقيقة الثانية فمصدرها مكتب براءات الاختراع الأمريكي الذي يفيد بأن معدل تسجيل المهاجرين للاختراعات الجديدة يوازي ضعف ما يسجله غير المهاجرين. وبحسب دراسة لجامعة يورك فإن زيادة معدّل الهجرة سيكون له ثلاث نتائج هي: 
 
أولاً: المساهمة في زيادة “الناتج الوطني” بنسبة 2.3% على مدار عشرة أعوام. 
 
ثانياً: المساهمة في رفع عدد السكان ، ما سيزيد من الطلب على الخدمات والمواد الاستهلاكية. 
 
ثالثاً: المساهمة في زيادة المبالغ المالية الواردة إلى الخزينة الحكومية بصورة كبيرة. ووفقاً للدراسة التي أعدتها جامعة يورك فقد تصل تلك الزيادة إلى 14 مليار دولار. 
 
إيلي نصر الله
في عام 2006 صنّف نحو 5 % من الكنديين أنفسهم على أنهم من أصول عربية ، أي ما يعادل 1% من إجمالي عدد السكان. وتقيم أغلبية الجالية العربية في مقاطعتي أونتاريو وكيبك الكنديتين. أما النسبة الأكبر من تلك الجالية (97%) فتسكن المدن بشكل عام ، كما أن أغلب أفراد الجالية العربية يزوالون أعمالهم إما في تورنتو أو مونتريال. يحث المؤلفان ما يصفانه بـ “جيل اليقظة العربي” على الالتزام بالآتي: 
 
1- عدم القبول بمالزاعم القائلة بأن الثقافة العربية في أصلها غير ديمقراطية لأنه ادعاء باطل. 
 
2- عدم السكوت عندما يُقال إن اسرائيل الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط لأنه ادعاء باطل. 
 
3- عدم الخوف من الدخول في أي نقاش. 
 
4- عدم السماح لوسائل الإعلام بوصف العرب بأنهم غير متحضرين وغير ديمقراطيين وغير عقلانيين. مع وجوب تذكر أن وسائل الإعلام في مجملها تقوم على التسلية والترفيه وليس على سرد الحقائق. 
 
5- عدم السماح للقلة القليلة التي عادة ما تجهل تلك الأمور ، أن تصف العرب بالسلبيات. 
 
6- ضرورة قيام العرب بالتصويت بأعداد كبيرة ، لأن صناديق الاقتراع من أهم الطرق القادرة على إحداث التغيير. 
 
7- عدم السماح للجهات المعادية والرافضة للهجرة بالحصول على نفوذ كبير. 
 
8- ضرورة افتخار العرب بتاريخهم. فالعديد من الإنجازات التي يتمتع بها المجتمع تعود إلى جهود بذلها عرب ، وضرورة تعليم أولادنا هذه الحقيقة.
 
إحدى الحقائق المهمة الأخرى هي ضرورة أن يتذكر العرب أنهم يتمتعون بتعليم رفيع المستوى، وأنهم من بين الجاليات الأكثر تأثيراً في أمريكا الشمالية.
 
كما يحث المؤلفان القارئ على ضرورة إدراك أن العديد من الخبراء يزعمون بأن الولايات المتحدة تشوّه صورة العرب من أجل أهدافها الخاصة ، وأن ما يوصف بـ “الحرب على الإرهاب” يعتبر في حقيقته تمييزاً ضد العرب. والأهم من ذلك يحث المؤلفان القارئ على ضرورة تذكّر أن:
 
1- الاندماج الكامل يُعد أمراً حيوياً للمهاجرين العرب. 
 
2- الاستماع إلى مشكلات ومخاوف الجاليات المهاجرة الأخرى ، من ضمنها الأصوات اليهودية المستقلة.
 
3- الانضمام إلى أو تأسيس حوار عربي داخلي للتعبير عن المخاوف التي تراود أبناء الجالية عبر مراسلة الصحف والمجلات ووسائل النشر الأخرى ذات النوايا الطيبة. 
 
4- تمويل الأصوات السياسية التي تعبّر عن مخاوف الجالية وفلسفتها السياسية. 
 
5- المشاركة السياسية الناشطة في أي مجال ممكن. 
 
6- دعم إحدى الجهات البحثية الفكرية المستقلة. 
 
7- اعتماد جهة استشارية قانونية دائمة لمقاضاة المسؤولين عن المسائل العنصرية ضد العرب. 
 
8- التشجيع على العمل في المجال القانوني والاقتصادي والإعلامي ، إلى آخره. 
 
9- الاطلاع بشكل مستمر على الأوضاع العربية في الشرق الأوسط. 
 
10- مساندة المساواة التامة مع المرأة. 
 
يحتوي الكتاب على الكثير من الحقائق التي يمكن أن تساعد العرب وغيرهم في التعرف على المواقف التي يتوجب على الجالية العربية التعامل معها. كما يجب أن نتذكر أن إحداث أي تغيير اجتماعي ضروري في الشرق الأوسط ، يتطلّب أن نسلّح أنفسنا أولاً بالحقائق الخاصة بالواقع الذي نعيشه. 
 
إعداد وترجمة: حسام مدقه
قام بالمراجعة الإنكليزية: رضا منصور
المصدر: جريدة المهاجر العدد 244-243 (ص 8)

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.