الزواج … أرباح وخسائر

الزواج هو أكبر التزام عاطفي يتخذه المرء في حياته. لكن هناك من يقلق على حياته الزوجية وتأثيرها في موارده المالية. وقد تكون السلوكيات المختلفة تجاه المال وكيفية إنفاقه وتوفيره، من أهمّ أسباب فشل الزواج. ومع ذلك، يجب على الأزواج أن يتوقعوا مواجهة تحدّيات مالية في حياتهم الزوجية، وهو الموضوع الأكثر أهمية من موضوع “متى سننجب أطفالاً؟”.

يقول الخبراء إن هناك بعض الطرق التي تضمن للعرسان أن ينظموا أوضاعهم المالية، قبل الدخول في تجربة الزواج. فهناك طريقة بسيطة؛ وهي أن تتخيّل أنك ربحت مليون درهم نقداً، فتتساءل أنت وزوجتك: ماذا سنفعل بهذا المال؟ وهنا تظهر سلوكيات كل من الزوجين بشأن التصرّف في المال. فإذا كان أحد الزوجين بخيلاً، فهو يضع المال مباشرةً في حساب توفير بالبنك، وإذا كان الشريك الآخر مبذراً، فهنا تقع المشكلة التي تصعب معالجتها؛ فالقرارات المالية يجب أن تكون واقعية، وتؤدي في الوقت نفسه إلى تحقيق الطموحات المشروعة والمعقولة.

وتُعدّ الموارد المالية الشخصية من الأمور الشديدة الخصوصية، لكنها ليست كذلك في الحياة الزوجية. فمن الواجب أن يطلع كل طرف شريكه على حسابه المصرفي، وعلى كشوف بطاقات الائتمان الخاصة به، وأن يناقش الزوجان الاستثمارات التي يفضلها كل منهما، وكم من المال لدى كل منهما في حساب التوفير، أو الوديعة الثابتة، أو كمية الأسهم التي يحتفظ بها. كما ينبغي على الزوجين مناقشة كيفية سداد الديون في حال وجود قروض مالية لا بد من تسديدها، فقد يكون شريك الحياة هو من يبادر إلى تقديم المساعدة المالية لتجاوز بعض الأزمات ذات الطابع المادي، على أساس “الأقربون أولى بالمعروف”. فالزواج الناجح مادياً هو زواج متين، حتى بالنسبة إلى من هم أقل ذكاءً في قراراتهم المالية، ولا بأس في أن يلجأ هؤلاء إلى استشارة الأهل والأصدقاء الذين يثقون بهم؛ لمساعدتهم على تحديد ما يمكن القيام به لتحقيق أهدافهم.
أما الذين يرفضون إدخال الآخرين في شؤون حياتهم الزوجية، فمن الأفضل أن يتولى أحد الزوجين المسؤولية المالية بكاملها، خصوصاً إذا كان مُقتصداً في المال ويتصرف في المدخرات بطرق آمنة ومضمونة النتائج. أما إذا كان أحد الشريكين مُسرفاً، ويرغب في امتلاك السيارة الفاخرة، أو المنزل الأنيق، عندئذٍ لا بد من أن يتولى الشريك الآخر مهمّة الإنفاق وإدارة الأمور المالية، فالأزواج الذين يشتركون في استراتيجية توفير لتحقيق أهداف محددة، من المحتمل جداً أن يبقوا معاً في حياة زوجية هادئة ومستقرة، وخاصةً حال الرغبة في إنجاب عدد من الأطفال.

ومن المهمّ، حتى قبل الدخول في الحياة الزوجية، على الطرفين التأكد من الظروف المالية لكل منهما، وتحديد الأولويات حتى قبل الفترة التي تسبق حفل الزفاف، فالأمور تتغير، وعلى المرء أن يتكيّف مع الأوضاع المالية، لضمان عدم الوقوع في مأزق الديون التي يمكن أن تنغص على الزوجين حياتهما، خصوصاً بعد إنجاب الأطفال وما يتطلبه ذلك من مسؤوليات جسيمة؛ تمتد من مرحلة الحضانة حتى التخرّج في الجامعة. كما أن الزواج يشبه إلى حدّ ما، عمل الحكومة؛ فنحن نحتاج إلى وضع موازنة مالية تمتد على مدى الحياة، والاتفاق على التزام الزوجين بالموازنة العائلية، وعدم تجاوزها والانحراف عنها بطريقة مبالغ فيها قد يوديان بالوضع المادي للزوجين.. أو بالزواج نفسه.

عبد الكريم بيروتي
كلام نسوان

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.