كتاب العقل العربي

• العقل العربي ، كتاب يقع في 376 صفحة قامت دار كوغنا بابليشينغ بطبع النسخة الثانية منه عام 2014 ، وهو للمؤلف اللبناني الكندي الأستاذ اسكندر عبد النور. يستهل الكاتب في توطئة كتابه بشرح للتاريخ الطويل الأمد للنزاع القائم بين الغرب والعالم الإسلامي العربي ، والمستقبل الطويل الرابط بينهما على الأرجح أيضاً. وهو نزاع حاول كثيرون فهم أسسه وأسبابه ، ويشكّل اللب الأساس الذي يتناوله المؤلف بالوصف والتحلل بين دفتي كتابه ، والذي قد يكون طريقاً آخر لملامسة جذور ما يُسمى بصدام الحضارات ، تلك الجذور المتأصلة في الطرق المتناقضة التي من خلالها يتم وضع المفاهيم في أطرها المختلفة.

يتناول الكتاب محاولة فهم طريقة التفكير الملازمة للتعبير الثقافي العربي ،كما يهدف إلى التركيز على الأوجه الإيجابية للتعبير الثقافي العربي ، إلى جانب استعراض مدى تعقيداته وإبداعاته ، وإتاحة مجالات جديدة للطلاب والباحثين المهتمين بالبحوث الثقافية المنبثقة بشكل عام من وجهة النظر المتبناة ، وفي هذا المجال يتضمن الكتاب أكثر من تسعين حالة ونظرية مختلفة.

يحاول المؤلف من خلال مقدمة كتابه أن يُطلع القارئ على أن التوصل إلى فهم مجمل لثقافة شعب هو أمر يقتضي التعرف إلى كل مكوّن أساسي من مكوّنات تلك الثقافة.

يتناول الدكتور عبد النور في الفصول الأولى عدداً من المواضيع تتعلق بالعقل العربي ومسألتي العاطفة والعدوانية، إلى جانب النقص الذي تعاني منه الثقافة العربية فيما يتعلق بتحويل ما هو نوعي إلى كمي ، بمعنى آخر ، زيادة الناتج النوعي ونشره.

أما في الفصل الخامس من الكتاب فيتناول المؤلف إغراء اللغة العربيةمستعرضاً إحدى التعليقات القائلة بأن اللغة العربية لها تأثير موحد فريد من نوعه على من تشكل العربية لسانهم الأم. هذا ، ويذهب المؤلف إلى ما هو أبعد من ذلك عندما يقترح بأن للغة العربية أربع ركائز أساسية هي سهولة التهجئة ، القدرة على التمييز اللفظي صوتياً ، انسجام المعنى والصوت ، بالإضافة إلى القدرة على اشتقاق أصوات جديدة. وهنا تبرز أيضاً أهمية إدراك القارئ للفوارق بين دلالة الكلمة أو معناها وما تتضمنه من مفاهيم وإيحاءات.

بالانتقال إلى الفصل السابع من كتاب العقل العربي ، يتناول المؤلف عدداً من الصفات الإبداعية والاجتماعية الموازنة في الثقافة العربية. كما يحلل النزعة إلى المبالغة في استخدام العبارات الضخمة أو الرفيعة ما يجعل تلك العبارات مغلوطة أو غير محددة أو الاثنين معاً ، مشيراً إلى أن المبالغة في استخدام العبارات الضخمةعادة ما يُعتبر أمراً سلبياً.

من جهة أخرى يعتبر المؤلف أن العقل العربي يتميز بالتعبير اللفظي أو الشفهي ، حيث يميل إلى إدراك الأمور بصفة غير مقيدة أو مشروطة ، ويتسم بالوضوح في المواقف المتعلّقة بالقيم وفي التعبير عن المواقف ، وهي جميعها مميزات شبيهة بالصبغة الدرامية المسرحية كما يتطرق المؤلف إلى صفة الكرم أو الضيافة العربية ويعتبرها إحدى مضادات الاكتئاب. وهنا نستذكر ما قاله سيغموند فرويد بأنه كلما تزايد تعقيد الإنسان تزايدت تعاسته في المقابل فالتعقيد يزيد من صعوبة الانسجام مع الآخرين مقارنة بالحياة في المجتمعات الأكثر بساطة. ويختم المؤلف الفصل السابع من كتاب العقل العربي مستخلصاً أن الوقت موات للتحقيق في التعليقات الإيجابية الخاصة بالمجتمع العربي ، وهو ما دأب على فعله تاريخياً علماء الاجتماع والإنسان.

على مدار الفصول الأخرى ، يتناول المؤلف العديد من النقاط المختلفة والتي تتعلق بالعقل العربي من الجهة الثقافية ، حيث يخوض في أسباب الانهيار الثقافي والدور الذي يلعبه عنصر الشخصية في ذلك الانهيار. أما من الجهة السياسية فيناقش المؤلف مسألة نظرية المؤامرة في العقلية العربية. وفيما يتعلق بمصير الأمم العربية ، يقول المؤلف إن الأمة العربية تتميز عن غيرها من الأمم بأنها تواجه وبصفة مكثفة نداً قابلاً لأن يُتنبأ ببقائه وتقدمه في المنطقة من خلال استغلال التناقضات الاجتماعية في المجتمعات العربية ، والتخطيط لتفكيك تلك المجتمعات ووأد ثقافتها.

ويختتم المؤلف كتابه بعدد من النقاط التي تحفز القارئ على التفكير فيها ومنها: أهمية الحفاظ على رابط مُدرك بين القيم الاجتماعية والنشاط السياسي بغض النظر عن حجم ومدى الأخير. وأهمية الاعتراف بواقع الكل الاجتماعي ، والحاجة إلى حماية المجتمع والثقافة وتحسين نوعيتهما ، فالمجتمع ، وليس الفرد فقط ، له حقوق أيضاً.

ترجمة: حسام مدقه

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.