حكاية عم فرانسيس الساعاتي

بقلم | دانيال البرزي

قصة رجل أرمني نجا من مذابح الارمن فى الحرب العالمية الاولى واحتضنته مصر فاصبح أشهر ساعاتي ومصلح ساعات فى مصر ومازال محله موجود فى وسط حى العتبة بالقاهرة. محل “بابازيان” في وسط القاهرة … لم تتوقف دقات ساعاته طيلة 109 سنوات. أسسه الجد فرنسيس في عام 1903.. وزبائنه من هواة جمع التحف. محل “بابازيان” أغلب رواده من الطبقات العليا في المجتمع المصري ، ويمتلك أقدم الساعات في العالم.

ما إن تطأ قدماك محل “بابازيان” للساعات في ميدان العتبة ، أكثر ميادين العاصمة المصرية القاهرة ازدحاماً ، حتى تشعر بأنك صرت خارج حدود الزمان والمكان. هنا جميع ساعات الحائط الموجودة بالمحل تعود إلى ما يقارب المئة سنة، ويومها كان شكل الساعات يختلف تماما عن شكلها الحالي. في المحل عدد كبير من “خردوات” الساعات، والساعات الخشبية الضخمة، والساعات الخشبية الكبيرة، والساعات ذات البندول (الرقّاص)، التي ارتبطت رؤيتها في أذهان الجيل الحالي بالأفلام المصرية باللونين الأبيض والأسود، حيث كانت تظهر، وبالأخص، في قصور الأثرياء وفيللاتهم.

تأسس المحل في عام 1903 على يد فرنسيس بابازيان، الذي استقر في مصر بعدما اضطر لترك أراضي ما كان يُعرف بالإمبراطورية العثمانية قبل الحرب العالمية الأولى، هربا من الاضطهاد. وعبر العقود الزمنية المتوالية انتقلت إدارة محل “بابازيان” من الجد المؤسس فرنسيس إلى أبنائه ثم أحفاده، حتى وصل اليوم إلى ملكية آشود بابازيان، الذي يقول صرّح لإحدى الصحف العربية بأن “ما يميز محلات (بابازيان) هو وجود قطع غيار للساعات القديمة والحديثة ، ما يجعلنا الأقدر على تصليح أي ساعة مهما كانت قديمة. هذا، بالإضافة إلى أن لدينا خبرة كبيرة في تصليح أي ساعة مهما كان نوعها ومهما كانت قديمة”.

عن الساعات المعروضة داخل المحل، يؤكد آشود أنها “ساعات قديمة جداً، وهي للعرض فقط وليست للبيع، لأنه من النادر أن يأتي أحد لشراء ساعة بهذا الحجم”، مبيناً أن أغلب الزبائن الذين يترددون على المحل يأتون بغرض تصليح ساعات قديمة ورثوها عن الأجداد، ولا توجد قطع غيار ملائمة لها إلا في هذا المكان. ويشير آشود إلى “ساعات ماركة (زون) كانت الساعات التي تخصص فيها المحل منذ نشأته، بل كان محل (بابازيان) الأشهر في مصر ببيع منتجات هذه الماركة”.

ويلفت آشود إلى أن من يقبل على شراء الساعات القديمة “يكون عموما من هواة جمع التحف، أو من مفضلي الساعات الخشبية والمعدنية القديمة، كما أن من لديهم ساعات قديمة لا تعمل يأتون إلى المحل لتصليحها والاحتفاظ بها كتحفة نادرة أو كقطعة ديكور”.

وبحسب آشود فإن الساعات الحديثة ذات الأحجام المتنوعة تختلف اختلافا كبيرا عن ساعات الأجداد الأثرية ذات الحجم الكبير والعلب الخشبية ومجموعات الأجراس الموسيقية المعقدة، إذ أن الساعات التقليدية إما أن تكون بعقارب أو رقمية، كما يوجد الكثير من الساعات ذات أجراس أو تصدر موسيقى للتنبيه. ثم يوضح قائلا: “كل ساعة تتكون من العلبة والعدة الداخلية (أي منظومة الحركة)، حيث تقوم العدة الداخلية بإظهار الوقت والمحافظة على دقته. وتختلف الساعات طبقا لكيفية أداء أجزائها ولطريقة عملها، فهناك ساعات تدار بالحركة الميكانيكية، وأخرى بالكهرباء، ومنها ما يعمل بالبطارية، أما الأسعار فتتفاوت من الرخيص إلى الثمين والثمين جدا، تبعا لنوع الساعة وحالتها وندرتها”.

ثم يتطرق آشود إلى ساعات اليد، فيقول إنها “تختلف أيضا اليوم عما كانت عليه في الماضي. فقبل عقد العشرينات من القرن العشرين كان معظمها يُحمل في الجيوب أو في حقيبة اليد، واستخدمتها النساء في الماضي للزينة والزخرفة، أما الآن فساعات اليد تتراوح ما بين النماذج الصغيرة العادية والنماذج المزخرفة المرصعة بالأحجار الكريمة باهظة التكلفة”. ثم يذكر أن “شهرة المحل مبنية على الخدمة التي يقدمها، وعلى ثقة الزبائن في الخبرة الطويلة التي من الصعب توافرها في أي مكان آخر”، مؤكدا أن أغلب رواد المحل من الطبقات العليا في المجتمع المصري، فضلا عن الزبائن من المناطق المحيطة بميدان العتبة.

والملاحظ أن أعين زوار محل “بابازيان” لا تتوقف عند تأمل الساعات القديمة فقط؛ ذلك أن جدران المحل تحمل عدداً من الصور القديمة التي يظهر فيها أصحاب المحل منذ عشرات السنين، إلى جانب إعلانات لـ”بابازيان” في مجلة “المصور” خلال عقد الثلاثينات عن ساعات ذهبية كانت تباع بجنيهات قليلة في تلك الأيام، وبضمانات تصل إلى 15 سنة.

وفي نهاية حديثه يقول آشود عن مستقبل هذا المحل العريق: “أحاول ربط أبنائي بالمهنة لكي يستمر محل بابازيان ، فكما ورثته عن آبائي وحافظت عليه، أتمنى أن يستمر المحل حاملا اسم عائلتنا إلى الأبد”.

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.