كيف تنجو من غضبها؟

قضاء الزوج بضع ساعات في مشاهدة مباريات كرة القدم ، أو انشغاله بتبادل الحديث مع الآخرين عبر “الموبايل” ، وقلّة اهتمامه بالاستماع أحياناً إلى ما تقول زوجته ، وغير ذلك من العادات التي تثير غضب الزوجات … لا أحد يلوم الزوجة حين تعبّر عن عضبها واستيائها من مثل هذه التصرفات ، التي تؤدي مع مضي الوقت إلى إضعاف العلاقة الزوجية كلها على المدى الطويل.

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬صعوبة‭ ‬الأمر،‭ ‬فإن‭ ‬التأنّي‭ ‬والصبر‭ ‬هما‭ ‬أفضل‭ ‬الطرق‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭. ‬وتلعب‭ ‬طريقة‭ ‬صياغة‭ ‬عبارات‭ ‬النقد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأحوال‭ ‬دوراً‭ ‬مهماً،‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬خبيرة‭ ‬العلاج‭ ‬النفسي‭ ‬الألمانية‭”‬ساندرا‭ ‬كونراد‮”،‭ ‬التي‭ ‬تنصح‭ ‬بالابتعاد‭ ‬عن‭ ‬أيّ‭ ‬صيغة‭ ‬تبدأ‭ ‬بعبارة‭:”‬أعتقد‭ ‬أنك‭ ‬مُهمل،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مهتمّ‭ ‬بي‮”‭. ‬فهناك‭ ‬زوجات‭ ‬كثيرات‭ ‬يقعن‭ ‬في‭ ‬خطأ‭ ‬التعميم‭ ‬عند‭ ‬توجيه‭ ‬النقد‭ ‬باستخدام‭ ‬مفردات‭ ‬مثل‭”‬دائماً‮”‭ ‬أو‭”‬أبداً‮”،‭ ‬كأن‭ ‬تقول‭ ‬الزوجة‭ ‬لزوجها‭:”‬أنت‭ ‬لا‭ ‬تنصت‭ ‬أبداً‭ ‬لما‭ ‬أقول‮”،‭ ‬أو‭”‬دائماً‭ ‬ما‭ ‬تقضي‭ ‬وقتك‭ ‬مع‭ ‬أفراد‭ ‬أسرتك‭ ‬وتتجاهلني‮”،‭ ‬والأفضل‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬تركّز‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬شعورها‭ ‬تجاه‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬زوجها،‭ ‬بمعنى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الشعور‭ ‬بالغضب‭ ‬أو‭ ‬الإحباط‭ ‬من‭ ‬تصرّف‭ ‬معيّن،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬ذكر‭ ‬هذا‭ ‬التصرّف‭. ‬ويفضّل‭ ‬الابتعاد‭ ‬تماماً‭ ‬عن‭ ‬انتقاد‭ ‬الزوج،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬نقد‭ ‬التصرّف‭ ‬نفسه،‭ ‬مع‭ ‬تجنّب‭ ‬قول‭ ‬أيّ‭ ‬كلمة‭ ‬تقلّل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬شريك‭ ‬الحياة،‭ ‬أو‭ ‬توحي‭ ‬باحتقاره‭. ‬وفي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬يؤدي‭ ‬اختلاف‭ ‬العادات‭ ‬الحياتية‭ ‬إلى‭ ‬إثارة‭ ‬غضب‭ ‬أحد‭ ‬الطرفين‭ ‬من‭ ‬الآخر،‭ ‬فالرجل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يهتمّ‭ ‬بوضع‭ ‬ملابسه‭ ‬المتّسخة‭ ‬في‭ ‬سلة‭ ‬الغسيل‭ ‬المخصصة‭ ‬لذلك،‭ ‬ربما‭ ‬يتسبّب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قصد‭ ‬في‭ ‬إثارة‭ ‬غضب‭ ‬زوجته‭. ‬وهنا‭ ‬ينصح‭ ‬الخبراء‭ ‬باختيار‭ ‬طريقة‭ ‬مناسبة‭ ‬للفت‭ ‬انتباهه‭ ‬بطريقة‭ ‬ذكية،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬توبيخه‭ ‬بعبارات‭ ‬قاسية‭ ‬من‭ ‬نوع‭”‬أنت‭ ‬مهمل‭ ‬للغاية،‭ ‬وتتجاهل‭ ‬دائماً‭ ‬القواعد‭ ‬التي‭ ‬اتفقنا‭ ‬عليها‮”،‭ ‬واللجوء‭ ‬إلى‭ ‬طريقة‭ ‬أفضل‭ ‬مثل‭:”‬سبق‭ ‬أن‭ ‬اتفقنا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬ملابسك‭ ‬المتّسخة‭ ‬في‭ ‬السلة،‭ ‬لكنك‭ ‬لم‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬طوال‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‮”‭. ‬ولا‭ ‬مانع‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تعبّر‭ ‬الزوجة‭ ‬عن‭ ‬ضيقها‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التصرّف،‭ ‬مع‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الأمر‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭. ‬وتتميّز‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬في‭ ‬النقد‭ ‬بأنها‭ ‬غير‭ ‬جارحة‭ ‬لكبرياء‭ ‬الرجل،‭ ‬فكل‭ ‬الرجال‭ ‬يشعرون‭ ‬بالغضب‭ ‬من‭”‬سلاطة‭ ‬اللسان‮”‭ ‬لاسيما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لسان‭ ‬الزوجة‭ ‬تحديداً‭. ‬

أمّا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الزوج‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬الهجوم‭ ‬بشكل‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الحوار‭”‬مشاجرة‮”،‭ ‬فمن‭ ‬الأفضل‭ ‬إنهاء‭ ‬المناقشة‭ ‬على‭ ‬الفور،‭ ‬أو‭ ‬تأجيلها‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬آخر،‭ ‬بعدما‭ ‬تهدأ‭ ‬أعصاب‭ ‬الطرفين‭. ‬ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬الصعوبة‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬النقد‭ ‬فحسب،‭ ‬فالثناء‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬كثيرة‭ ‬أصعب‭ ‬من‭ ‬الهجاء‭. ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يحاول‭ ‬أحد‭ ‬الطرفين‭ ‬الثناء‭ ‬على‭ ‬شكل،‭ ‬أو‭ ‬تصرّف‭ ‬مستفزّ‭ ‬من‭ ‬شريك‭ ‬الحياة،‭ ‬لكن‭ ‬الكلمات‭ ‬الطيّبة‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬بسهولة‭ ‬إلى‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر؛‭ ‬فقد‭ ‬خلص‭ ‬الخبراء‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬أسباب‭ ‬لهذه‭ ‬الحالة،‭ ‬ومنها‭ ‬اختيار‭ ‬الكلمات‭ ‬الخاطئة‭ ‬للثناء‭ ‬والمديح،‭ ‬أو‭ ‬الظرف‭ ‬غير‭ ‬المناسب‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬الشكر‭ ‬والامتنان،‭ ‬فقد‭ ‬تطير‭ ‬كلمات‭ ‬المديح‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬انشغال‭ ‬بأمور‭ ‬أخرى،‭ ‬أو‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬عصبيّ‭ ‬معيّن‭. ‬لذا،‭ ‬فمن‭ ‬الذكاء‭ ‬تأجيل‭ ‬المدح‭ ‬حتى‭ ‬الوقت‭ ‬الملائم،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬النقد‭ ‬الذي‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬كلمات‭ ‬مستفزّة،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬الألفاظ‭ ‬المناسبة،‭ ‬ولذلك‭ ‬يفضّل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المدح‭ ‬بجُملٍ‭ ‬قصيرة‭ ‬،‭ ‬مثل‭”‬لقد‭ ‬قمتِ‭ ‬بهذا‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬وجه‮”‭. ‬أو‭”‬شكلك‭ ‬اليوم‭ ‬يبدو‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الروعة‮”‭. ‬والأهم‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الكلمات‭ ‬صادقة‭ ‬ونابعة‭ ‬من‭ ‬القلب،‭ ‬فالحاسّة‭ ‬السادسة‭ ‬عند‭ ‬المرأة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التفريق‭ ‬بين‭ ‬المدح‭ ‬الحقيقي‭ ‬و‭.. ‬رفع‭ ‬العتب‭!‬

بقلم عبد الكريم بيروتي
كلام نسوان

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.