كيف أغيّر أسلوبي

• تكمن الغاية من الحديث عن قانون الجذب الفكري* هنا في المساعدة على تحسين نوعية حياتنا كبشر. وتحسين نوعية حياتنا ليس أمراً يمكننا أن نقوم به من أجل الآخرين ، لأنه يتوقف في الأساس على الشخص نفسه ويتعلّق به وحده. إن قانون الجذب الفكري هو عملية تغيير شخصية تحدث بطبيعتها من داخل الإنسان. وقانون الجذب الفكري هذا ينطلق من الأفكار التي تدور في ذهن كل واحد منا. قد يبدو تحقيق قانون الجذب الفكري عملية صعبة ، إلا أنه في حقيقته يعد أمراً محموداً ، لأنه يعني أننا نحن أنفسنا ، ودون أي قوة خارجة عن إرادتنا ، قد نتمكن من التحكم في نوعية حياتنا. والأهم من ذلك هو أن هذا التغيير لا يستغرق أعواماً ، بل قد يحدث في غضون دقائق قليلة.

السؤال إذاً هو كيف نحسّن نوعية حياتنا؟ والإجابة تكون بتغيير طريقة تعاملنا مع ضميرنا الحي. لأننا عندما نغيّر طريقتنا في التفكير ، فإننا في الواقع نغيّر حياتنا بصورة جذرية. لكن بالنسبة إلى الكثيرين منّا فإن أكبر عائق أمام خلق حياة أفضل يتمثّل في ربط تفكير الإنسان بنماذج من الأفكار السلبية المتصلة بذكريات مؤلمة ، أو بجروح عاطفية عميقة. هذه الأفكار السلبية التي تدور بين الإنسان وذاته قد تأخذ أشكالاً ومواقف عديدة كأن نقول:

  • هي فعلت بي ذلك ولن أسامحها على ما فعلته بي أبداً.
  • لقد غشني في تجارة لذلك سأظل أكرهه مدى الحياة.
  • سيندمون على اليوم الذي عبثوا فيه معي.

إن مثل هذه الأفكار ، ما لم تتم مواجهتها والتصدي لها بشكل متعمّد وإعادة تصويرها بشكل مختلف في أذهاننا ، فقد تبقى معنا إلى الأبد. وأسوأ ما في الأمر أنه قد يظن أصحاب تلك الأفكار على نحو خاطئ أنهم يثأرون لأنفسهم بسبب ما حدث لهم. لكن واقع الأمر هو أنهم يؤذون أنفسهم وليس أحداً آخر.

لقد عبّر بوذا الفيلسوف الحكيم عن هذه الفكرة بلباقة في تعاليمه حين قال إن التمسك بالغضب أشبه بالقبض على جمرة متقدة في اليد بنية رميها على شخص آخر ، غير أن القابض على تلك الجمرة هو من يحترق بالنتيجة. لنفكر ملياً في هذا المثال وبطريقة منطقية ولنسأل:

  • هل التمسك بالغضب فيه فائدة لنا؟
  • أهناك ما يحصننا جسدياً وعقلياً وروحياً من الأثر السلبي للغضب والكراهية والانتقام؟
  • وقد نتساءل أيضاً: ما هو البديل إذا؟

الإجابة هي بتغيير طريقتنا في التفكير. لكن من المستفيد إن فعلنا ذلك؟ الإجابة مجدداً هي نحن جميعاً المستفيدين. فعندما نرمي من أيدينا تلك الجمرة المتقدة ، التي تجسدها القصص السلبية المتكررة ، أو ثورات الغضب العنيفة ، فإن التغيير الداخلي يبدأ على الفور. وهو ما تدركه عقولنا ، وتشعر به أجسامنا كذلك ، كما يعرفه الجزء الأكبر من روحنا. فلنترك من أيدينا تلك الجمرة المتقدة التي نريد أن نرشق بها الآخر الذي كذّب علينا ، أو قطع علينا الطريق بسيارته ، أو غشنا في تجارة ما. لأننا حين نرمي تلك الجمرة المشتعلة سنخلق بذلك فضاءً للحل المتمثل في محبة أنفسنا والآخرين جميعاً. وليس في ذلك خسارة على الإطلاق، بل لا شيء إلا المكاسب ، لأنه من خلال تلك الممارسة نصبح شركاءً ناشطين وواعين في خلق حياة أفضل.

وهنا يحضرني مثل قديم يقول: إن من الأفضل إضاءة شمعة بدلاً من لعن الظلام. والمنطق الفكري الذي يتناوله هذا المثل هو أن الظلام لن يتلاشى من تلقاء نفسه إذا ركزنا عليه ، وكذلك لن يزول الألم إذا ركزنا عليه ، وأن الخطأ لن يُمحى إذا ركزنا عليه ، وأن الغضب لن يختفي إذا ركزنا عليه. لكن التصرف الحكيم هنا لمواجهة تلك السلبية يكون بإضاءة الشمعة ، ما يعني واقعياً الابتعاد عن الظلام (الذي تمثله مشاعرنا السلبية) ، واللجوء إلى قوة المحبة. فهذه القوة موجودة في داخلنا ، لكن عند استخدامها فإننا نخلق بها حياة أفضل … مع بعضنا البعض.

تأليف: أرثر راسل
ترجمة: حسام مدقه
مصدر المقالة: https://think2wice.me/2016/10/14/a-change-in-attitude/
*تعرف على قانون الجذب الفكري هنا

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.