لا تنمو شجرة الخيزران (البامبو) كأي شجرة أخرى في الدنيا. لكنها تبقى شجرة كغيرها من الأشجار ، يتوجب عليك أن ترويها بالماء ، وتحافظ عليها من الآفات وتسمّد تربتها كل يوم. لكن الغريب في أمر شجرة الخيزران هو أنك لا ترى أية نتيجة لجهودك تلك في الاعتناء بها ، فلا شيء ينبت من الأرض حيث زرعتها ، ما يجعلك تشعر وكأنك تسقي أرضاً قاحلة عقيمة. غير أن أجمل ما في هذه الشجرة هو أنه عند بلوغ عامها الخامس بالتمام والكمال ، تشق شجرة الخيزران الأرض لتنبثق منها وتنمو بارتفاع خمسة وثلاثين متراً خلال ستة أسابيع فقط ، حيث تراها تزداد طولاً وكبراً أمام عينيك كل يوم.
وكحال شجرة الخيزران ، يمكن مقارنة حياتك الشخصية كإنسان على سبيل المثال. فلعلّك تقوم الآن بشيء ما ، ولا ترى له نتيجة بالرغم من الجهود التي تبذلها ، أو لا ترى تغييراً في حالك أو في وضعك على الرغم من عملك الدؤوب. إلا أن الواقع هو أن في داخلك شيئاً ما قد بدأ يتكوّن بالفعل ، شيئاً ما بدأ يتغير بداخلك. فحالك في هذه المرحلة كشجرة الخيزران ، تتفرع جذورها وتتثبت أصولها في تربة الأرض ، لتزداد قوة واشتداداً ، حتى ما إذا ارتفعت عالية لا تسقطها رياح أو أعاصير ، بل تبقى شامخة صوب السماء دائماً.
إن ما تبذله الآن من جهود أشبه بمد جذورك في الأرض ، لتكون أساساً قوياً تبني من خلاله أهم جزء من حياتك ، وهو ذاتك ونفسك التي تشكّل القاعدة الأساسية لحياتك ، حيث تتعلّم خلال تلك المرحلة الكثير عن ذاتك وعن الآخرين ، وستتعلّم ما هو المفيد وغير المفيد ، ما يستحق ولا يستحق. ستتعلّم معنى الحياة وكيف تتصرف في أصعب المواقف. فلا تقلق إذا لم تر نتيجة فورية لجهودك ، لأن كل شيء يحصل في وقته المناسب ، وسيخرج إلى النور عندما يكتمل في حينه … أما جهودك التي بذلتها فسوف تظهر قيمتها ونتائجها في النهاية ، وستنمو بك كشجرة الخيزران العالية يراها الآخرون بكل وضوح.