الرسام العجوز

عاش رسّام عجوز في قرية صغيرة ، وكان يرسم لوحات غاية في الجمال ويبيعها بسعر جيّد … في يوم من الأيام أتاه رجل فقير من أهل القرية وقال له:

أنت تكسب مالًا كثيرًا من أعمالك ، فلماذا لا تساعد فقراء القرية ؟! انظر لجزار القرية الذي لا يملك مالًا كثيرًا ومع ذلك يوزّع كل يوم قطعًا من اللحم على الفقراء مجاناً. ثم انظر إلى خبّاز القرية ، بالرغم من أنه رجل له عيال كثر إلا أنه يعطي الفقراء خبزاً مجاناً كل يوم …
لم يردّ عليه الرسام واكتفى بأن ابتسم بهدوء.

خرج الفقير منزعجاً من عند الرسّام وأشاع في القرية بأنّ الرسام ثريٌ جداً يكتنز الأموال لكنّه بخيلٌ جداً ، ولا يساعد الفقراء … فما كان من أهل القرية إلا أن نقموا عليه وقاطعوه وهجروه.

بعد مدّة من الزمن مرض الرسّام العجوز ولم يعره أحدٌ من أبناء القرية اهتماماً ثم مات وحيدًا.

مرّت الأيّام ولاحظ أهل القرية بأنّ الجزار لم يعد يرسل للفقراء لحمًا مجّانيًا ، ولاحظوا أن الخباز الشهم صار لا يمنح الفقراء خبزاً مجانياً كذلك بالرغم من توافدهم عليه ورجاؤهم له ، وعندما سألهما الناس عن سبب توقّفهما عن التبرع بالخبز واللحم قالا: إنّ الرسّام العجوز الذي كان يعطيهما كل شهر مبلغاً من المال يعطيان به الفقراء اللحم والخبز قد مات فتوقّف ذلك الصنيع بعد رحيله !

بواسطة حسام مدقه

إعلامي حائز على شهادتي الليسانس في الأدب الإنكليزي وفي علوم الاتصال ووسائل التواصل والسينما. عمل مترجماً متفرغاً مع عدد من محطات التلفزة وشركات إنتاج مرموقة ببيروت وعواصم عربية أخرى meddaka.wordpress.com