تحويل موتانا لأشجار

لا شك في أن وداع الأحبة الأخير ممن غيّبهم الموت هو من الأمور الصعبة والمؤلمة. لكن واقع الحياة يفرض علينا أن نمضي قدماً وأن نكمل المسيرة بدونهم. لكن مادامت مسيرة الحياة مستمرة فإن عجلة الموت سوف تستمر أيضاً كجزء لا يتجزأ منها ، وعليه فإن سعة القبور قد يصبح من العسير في المستقبل القريب أو البعيد العثور فيها على مكان جديد لدفن موتانا ، نظراً لاكتظاظها بأضرحة وتوابيت المتوفين من قبلهم. هنا ظهرت فكرة غير تقليدية بكل ما للكلمة من معنى ، تهدف إلى تحويل التوابيت والأضرحة وشواهد القبور … إلى أشجار … وذلك كوسيلة فعّالة للحفاظ على الطاقة وإعادة توليدها من أجل صحة كوكبنا ، الأرض.

فقد توصّل العلماء في شركة “كابسولا موندي” الإيطالية إلى اكتشاف جديد أطلقوا عليه اسم أكياس الدفن العضوية أو Organic Burial Pods . الهدف الرئيسي والوحيد لهذه الفكرة الصديقة للبيئة ، هو تحويل الأراضي التي تحتلها القبور إلى متنزهات مفتوحة تعج بالأشجار الخضراء. ويقول العلماء إن هذه الفكرة مبنية في أساسها على حفظ جثمان المتوفي أو المتوفية في وضعية الجنين داخل كيس دفن مصنوع من مواد عضوية قابلة للتحلل ، ومن ثم زرع ذلك الكيس في التربة مع بذرة أو شتلة لشجرة. ولا تقف الفكرة عند هذا الحد فحسب ، بل قامت الشركة أيضاً بتطوير ما أسمته بـ “المزهرية العضوية” ، والتي تحتوي في قعرها على رماد المتوفي أو المتوفية توضع عليه طبقة من مزيج من التُرب الخصبة ، وتُدفن فيها بذرة تتغذى مباشرة من الرماد المتوفر في المزهرية ، لتنمو البذرة وتتحوّل في نهاية المطاف إلى شجرة.

هذا وتستشرف الشركة صاحبة هذه الفكرة غير الاعتيادية بأن القبور ، في المستقبل القريب ، سوف تتحوّل إلى متنزهات مفتوحة تضم مناطق شجرية أشبه بالغابات تحمل كل شجرة فيها اسم أحباء فارقوا دنيانا.

بواسطة حسام مدقه

إعلامي حائز على شهادتي الليسانس في الأدب الإنكليزي وفي علوم الاتصال ووسائل التواصل والسينما. عمل مترجماً متفرغاً مع عدد من محطات التلفزة وشركات إنتاج مرموقة ببيروت وعواصم عربية أخرى meddaka.wordpress.com