جنى مليارات من فضلات القطط

يدين ملايين الناس من حول العالم بالشكر والامتنان لرجل واحد يُدعى إدوارد لو ، وذلك على اختراعه الذي حقق به أحلام الكثيرين في اقتناء قطط ، وجعل تربيتها في بيوتهم أمراً يسيراً. وربما يشكره عدد مماثل من القطط أيضاً على اختراعه هذا الذي بسببه باتت تستمتع بحياة طويلة من الرفاهية والدلال. 

Edward Lowe

ولد إدوارد لو في مينيسوتا عام 1920 من القرن الماضي ، وترعرع في مدينة كاسوبوليس بولاية ميشيغن. بعد إنتهاء خدمته في البحرية الأمريكية ، عاد إلى كاسوبوليس ليعمل في شركة تمتلكها أسرته ، كانت متخصصة في بيع المواد الصناعية ذات القدرة العالية على الامتصاص ، بما فيها نشارة الخشب والرمال ، وبودرة الصلصال المسماة بتراب القصار. ونظراً لتركّز مادة أوكسيد المغنيسيوم فيها ، كان تراب القصار يتمتع بقدرة غير اعتيادية وسريعة على امتصاص أي نوع من السوائل. 

في تلك الفترة من القرن الفائت ، اعتادت القطط المنزلية على قضاء حاجتها في صناديق ممتلئة إما بالرمل أو نشارة الخشب أو الرماد. وفي يوم مصيري من سنة 1947 ، كانت إحدى جيران إد لو وتدعى كاي درايبر تشتكي له كيف أنها قد سئمت من أثر الرماد الذي تخلّفه قطتها في كل زاوية من أرجاء منزلها ، وسألته إذا كان في إمكانه أن يجلب لها كيس رمل من مستودع شركته. لكن إد لو بدلاً من ذلك قدم لها كيساً من تراب القصار. وقد سعدت الجارة كثيراً بأداء ذلك التراب لدرجة أنها عادت وطلبت أن يجلب لها المزيد منه. وبعد مرور فترة من الوقت امتنعت قطة الجارة عن استخدام أي شيء آخر سوى تراب القصار لقضاء حاجتها. 

عندها أدرك إد لو أنه مُقدم على شيء جديد تماماً. فما كان منه إلا أن شرع بملء عشرة أكياس بتراب القصار زنة كل واحدٍ منها نحو 3 كيلوغرامات ، ثم كتب عليها بالإنكليزية اسم “كيتي ليتر” ، وهو الاسم الذي لم يفسر إد لو كيف جاء به ، لكنه المسمى الذي أصبح فيما بعد الاسم المألوف والمرادف لكل أنواع التراب المخصص للقطط المنزلية.

كان إقناع أصحاب متاجر بيع الحيوانات الأليفة بعرض الـ كيتي ليتر للبيع يُعد تحدياً كبيراً بالنسبة إلى إد لو ، وذلك لأن التسعيرة التي وضعها للكيس الواحد بلغت 65 سنتاً ، وهو ما اعتبر آنذاك مبلغاً كبيراً من المال ، ما دفع أصحاب متاجر الحيوانات الأليفة إلى التشكيك في قدرة الزبائن على دفع هذا المبلغ لشراء منتجه ، بينما يمكنهم شراء كمية أكبر من الرمل العادي بثمن أقل. لكن إد لو كان واثقاً من أن منتجه سيحقق نجاحاً كاسحاً لدرجة أنه طلب من أصحاب متاجر الحيوانات الأليفة توزيع منتجه مجاناً على الزبائن لحين زيادة الطلب عليه. وبالفعل أصبح الزبائن يصرون على شراء تراب الكيتي ليتر فقط من أجل قططهم المنزلية ، وكانوا مستعدين لدفع الثمن المطلوب. 

مدركاً النجاح الذي حققه من بيع منتجاته محلياً ، قام إد لو بتحميل سيارته بأكياس تراب الكيتي ليتر ، وأمضى السنوات القليلة التالية متنقلاً بين الولايات الأمريكية يزور خلالها متاجر الحيوانات الأليفة ، ويشارك في معارض القطط لترويج منتجاته ، حتى أصبح اسم كيتي ليتر على لسان أصحاب القطط. 

بحلول عام 1990 بلغت أرباح شركة إد لو قرابة 200 مليون دولار سنوياً من بيع تراب القطط والمنتجات الأخرى ذات الصلة. وقد استثمر إد لو جزءاً من ثروته في شراء 20 منزلاً ، واسطبل لخيول السباق ، ويخت ، وخط سكة حديدية خاص. كما اشترى نحو 10 آلاف فدان من الأراضي المحيطة بمدينة كاسوبوليس ، وأنشأ مؤسسة إدوارد لو ، التي تعتبر مركز أبحاث متخصص في مساعدة الشركات الصغيرة وأصحاب المشاريع والأفكار الجديدة. وقد باع إد لو شركته عام 1990 ثم توفي بعدها بخمس سنوات عن عمر ناهز السبعين عاماً لم يقتن في خلالها قطة واحدة.    

بواسطة حسام مدقه

إعلامي حائز على شهادتي الليسانس في الأدب الإنكليزي وفي علوم الاتصال ووسائل التواصل والسينما. عمل مترجماً متفرغاً مع عدد من محطات التلفزة وشركات إنتاج مرموقة ببيروت وعواصم عربية أخرى meddaka.wordpress.com