كرة القدم النووية

هي ليست إسماً على مسمى ، لكنها كرة فريدة من نوعها ربما لم تسمع بها من قبل. وبالتأكيد هي ليست كرة قدم تريد أن تتمرن بها على إتقان إنطلاقات ميسي الهجومية أو تسديدات رينالدو اللولبية أو اختراقات الخطيب الفنية. هي ليست كرة قدم في شكلها الخارجي بل هي حقيبة معدنية الصنع ذات غطاء جلدي ، تبلغ زنتها نحو 80 كيلوغراماً ، ويحملها رئيس أقوى دولة في العالم … الولايات المتحدة الأمريكية.

تحتوي كرة القدم النووية هذه ، كما تُسمى إعلامياً ، على معلومات في غاية الحساسية ، وعلى مخططات خاصة يحتاج إليها الرئيس الأمريكي في حال وقوع حرب نووية. وأينما تواجد الرئيس الأمريكي ، فإن كرة القدم النووية هذه تتواجد في مرماه دائماً.

تحوّلت كرة القدم النووية إلى واحدة من أساسيات مُلحقات الرئاسة الأمريكية ، وذلك خلال فترة تولي جون إف كنيدي رئاسة الولايات المتحدة في الستينيات من القرن الماضي. فبعد أزمة الصواريخ الكوبية التي اندلعت بين الاتحاد السوفيتي السابق وكوبا من جهة وبين أمريكا من جهة أخرى ، أصبح من الضروري أن يكون رئيس الولايات المتحدة على أهبة الاستعداد بصفة دائمة للرد على أي هجوم نووي محتمل قد تتعرض إليه البلاد. لكن هذا لا يعني أن الرئيس الأمريكي يحمل تلك الحقيبة بنفسه أينما حل وسافر ، بل تلك هي مهمة يتعاقب على أدائها خمسة من مساعديه العسكريين.

حقيبة “كرة القدم النووية” ، والتي تُعرف رسمياً بحقيبة الطوارئ الرئاسية ، اكتسبت كنيتها تلك خلال واحدة من أولى المخططات النووية الحربية للولايات المتحدة التي حملت آنذاك الاسم السري “دروبكيك” أي رفسة كرة القدم عند ارتفاعها عن الأرض بعد إسقطاها عليها ، بحسب قواعد رياضة كرة القدم الأمريكية.

يُقال أن حقيبة الطوارئ الرئاسية أو كرة القدم النووية تحتوي على هاتف يعمل بواسطة الأقمار الإصطناعية ، قادر على ربط الرئيس الأمريكي بوزارة دفاعه البنتاغون ، وبمركزين للطوارئ محصنين تحت الأرض في جبال كولورادو وبنسلفانيا. كما تحتوي الحقيبة على مخططات حربية ، وكودات سرية تسمح للرئيس بتوجيه الأوامر بإطلاق أسلحة نووية ، إلى جانب توجيهات وإرشادات حول الأماكن التي ينبغي على الرئيس الأمريكي التواجد فيها عند وقوع حالة طارئة.

في فبراير/شباط من عام 2017 وعندما أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً قادراً على حمل رؤوس نووية فوق بحر اليابان ، ظهر أحد ضيوف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع أحد المساعدين العسكريين للرئيس وهو يحمل كرة القدم النووية ، وذلك في صورة بمنتجع مار ألاغو (الذي يمتلكه ترامب) نُشرت على فايسبوك ، وتمت الإشارة في الصورة إلى المساعد العسكري بإسمه الأول. الأمر الذي دفع القوات المسلحة الأمريكية إلى إصدار بيان يوضح أن المساعد العسكري لم يخالف القوانين أو الإجراءات المرعية التنفيذ بالظهور في تلك الصورة ، لكن القوات المسلحة اعترفت في الوقت نفسه بأنه كان موقفاً غريباً وغير اعتيادي.

أما في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه ، وخلال زيارة رسمية قام بها الرئيس ترامب إلى جمهورية الصين الشعبية ، انتشر خبر حصول مشادة بين المساعدين العكسريين الأمريكين المكلفين بحمل كرة القدم النووية وبين مسؤولي الأمن الصينين الذين حاولوا منع المساعدين العسكريين من دخول قاعة مبنى الشعب. ويقول المراسل والمحلل السياسي جوناثان سوان في تعليقه على تلك الحادثة:

“… لم يتمكن الصينيون في أي لحظة من اللحظات من الاستحواذ على كرة القدم النووية أو حتى لمس الحقيبة.”

وقد قدم رئيس الأمن الصيني اعتذاراً رسمياً إلى الأمريكيين عن سوء التفاهم الذي حصل ، وذلك في وقت لاحق.

بواسطة حسام مدقه

إعلامي حائز على شهادتي الليسانس في الأدب الإنكليزي وفي علوم الاتصال ووسائل التواصل والسينما. عمل مترجماً متفرغاً مع عدد من محطات التلفزة وشركات إنتاج مرموقة ببيروت وعواصم عربية أخرى meddaka.wordpress.com