ولا تنابزوا بالألقاب

نمبر وان ، الساحر ، الزعيم ، الهضبة ، القيصر ، الإمبراطور ، نجمة الجماهير ، فتى الشاشة ، سيدة الشاشة ، فارس السينما ، وحش الشاشة ، شمس الأغنية ، سلطان الطرب ، الملكة ، فنان العرب ، أمير الغناء ، كوكب الشرق ، كروان الشرق ، طائر الأشجان ، بلبل الخليج ، الشحرورة ، العندليب ، ملكة المسرح ، سيدة المسرح ، ملكة الإحساس ، ملكة الأندلس ، برنسيسة الفن ، برنسيسة الغناء ، نجم الجيل ، ملك الحركات ، برنس المهرجانات ، سفير الألحان ، نجمة مصر الأولى ، السندريلا ، وغيرها وغيرها … !

حين يرد إلى المسامع لقب مطرب أو ممثل ، أو عند قراءة خبر عن مطربة أو ممثلة يسبق فيه اللقب اسمه او اسمها ، فلن يعجز معظم جمهور المتابعين لعالم الفن والفنانين عن معرفة الشخصية المقصودة في ذاك الخبر  عند سماعه ، أو قبل قراءة كلمة واحدة حتى. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى اتساع الشهرة الإعلامية التي يحظى بها أصحاب تلك الألقاب ، وقدرة وسائل الإعلام على ترسيخ الألقاب في أذهان المتابعين. وهذه ظاهرة ليست عربية فحسب ، بل عالمية كذلك أثبتتها تجارب عدة مختلفة عجز فيها المشاركون عن معرفة اسماء بعض أشهر العلماء والفلاسفة ممن أسهموا في بناء الحضارة البشرية ، في حين نجحوا بامتياز في تسمية نجوم الفن والسينما بكل ثقة ، وبسهولة تلقائية. لكن هذا ليس ما تناوله هذه المقالة ، وإنما سنطرح خلالها السؤال التالي: لماذا نشأت فكرة منح هذه الألقاب للفنانين والفنانات دون عتيد أو رقيب وكأنها … وكالة من غير بواب ؟

يرى بعض النقاد وأهل الاختصاص أن قطبي معركة الألقاب هذه تتمثل في الجمهور من جهة ، وفي الصحافة والإعلاميين من جهة أخرى. حيث نجد أن الجمهور يميل إلى تجسيد حبه وتعلقه بفنان ما من خلال تمييزه عن بقية الفنانيين بلقب من شأنه تعزيز مكانة ذلك الفنان في الوسط الفني ، إما كمساهمة مقصودة أو غير مقصودة لتوصيله إلى أعلى درجة من سلّم النجومية. وقد يكون السبب أيضاً هو الضعف الإنساني لدى العديد من أفراد الجمهور ممن يرون في ذلك الفنان أو الممثل أيقونة البطل غير العادي وهو ما يفتقده في واقعة الاجتماعي المعيشي المتأزم ، فيجد في تلك الألقاب ملاذاً أو سبيلاً لحل مشكلات ربما عجزت هيئات حكومية في التعامل معها.

من جهة أخرى فإن للصحافة والإعلاميين دوراً أقوى في ترسيخ تلك الألقاب التي يطلقها بعضهم على الفنانيين من باب لفت الأنظار ، وتحقيق ضربات صحفية رنانة. منها ما يجتذب القراء طبعاً ويثير مخيلتهم وبالتالي تساهم في رفع نسبة مبيعات أو انتشار وسيلة إعلامية وتقدمها على أخرى. إن هذه الألقاب يبتدعها الصحافيون والإعلاميون حيناً أو قد تُفرض عليهم من قبل بعض الفنانيين أنفسهم في أحيانٍ أخرى، فتجد منهم من يُصرّون على أن تسبق ألقابهم أسماءهم في أفيشات السينما أو مانشتات الصحف والجرائد ، أما الأسباب الكامنة وراء ذلك فقد يحتاج تفسيرها إلى أطباء نفسيين من ذوي الاختصاص لدراسة نفسيات أولئك الفنانين وتحليلها.

لا شك أن من أهل الفن من يرفض تلقيبه بمثل تلك الألقاب ، ويكتفى بحب واحترام الجمهور له وتحقيق رسالته الفنية كلٍ بطريقته الخاصة، غير أن ظاهرة إطلاق الألقاب هذه ، في رأيي الشخصي ، لها جذور أعمق ، فهي لا تقتصر على الفنانيين الذين يجسدون رسالة فنية معينة ، بل تعدتها لتشمل شخصيات بارزة سابقة أو معاصرة ، وهي حالة تمتد جذورها من اللاوعي لدى الإنسان العربي أو الغربي على حد سواء ، وتتميز باندفاعه إلى ما يشبه تأليه ناقل الرسالة وتجاهل الرسالة نفسها في أحيان كثيرة.

بواسطة حسام مدقه

إعلامي حائز على شهادتي الليسانس في الأدب الإنكليزي وفي علوم الاتصال ووسائل التواصل والسينما. عمل مترجماً متفرغاً مع عدد من محطات التلفزة وشركات إنتاج مرموقة ببيروت وعواصم عربية أخرى meddaka.wordpress.com