النجاح مهنياً ليس ثراءً حتمياً

من ثوابت الحياة العملية وفلسفة النجاح المهني أو الوظيفي التي أتبناها شخصياً ويتبناها كثيرون ، ولكن قد تكون لديهم مبنية على أسس وقواعد مختلفة أو ربما متشابهة ، تعتمد عندي على أمرين اثنين : هما إتقان العمل أولاً ، وثانياً تسخير الحواس في خدمة ذلك العمل. فالعمل يُبنى على الجهد والاجتهاد اللذان يعتبران أساساً لعيش حياة سعيدة ومتوازنة ، يقدر خلالها الفرد على تحقيق ذاته بالاعتماد على نفسه لتلبية متطلبات الحياة بكرامة وشرف ، بعيداً عن التكاسل والاتكالية التي لا تؤدي بصاحبها سوى إلى التهلكة !

ولشرح هذه الفلسفة في أداء العمل وبلوغ النجاح المهني سألتزم هنا بالتبسيط الشديد مقتبساً عبارتين هما من أحب العبارات إلى نفسي. الأولى هي:

“إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنه … ” حديث شريف.

والعبارة الثانية هي:

“من يعمل بيديه فهو عامل ، ومن يعمل بيديه وعقله هو حرفي ومن يعمل بيديه وعقله وقلبه هو فنان” … القديس فرانسيس الأسيزي

تُشكّل في ذهني هاتان المقولتان (معاً) قاعدة متميزة تُعد بمثابة نهج تطبيقي شامل في الحياة العملية الناجحة لمن يسعى إلى تحقيقها. فإتقان أي عمل يتطلّب أولاً القدرة على التدقيق في أصغر التفاصيل المكوّنة لهذا العمل ، وتبرز هنا أهمية الفضول عند الشخص كحافز داخلي للمعرفة والعلم. ثانياً: القدرة على تطوير أسلوب العمل أو طريقة العمل بشكل مستمر … وهو ما يُطلق عليه كبار المصنعين اليابانيين تعبير كايزان ، بهدف بلوغ حد الإتقان والانسيابية الفعّالة الآمنة في طريقة أداء العمل.

غير أن تطبيق تلك الفلسفة الخاصة لتحقيق النجاح المهني لا يبلغها إلا من يكرّس حواسه للعمل الذي يؤديه ، حيث لا يرتقي إلى درجة الفنان أو المتخصص إلا من يحب العمل الذي يقوم به من كل قلبه ، ويفكر في تحسين طريقة أداء ذلك العمل للارتقاء به إلى درجة تتجاوز الإتقان.

إن عالمنا مليء بالكثير من الأمثلة التي طبّقت تلك الفلسفة بشكل أو بآخر ، وتاريخ الإنسانية أكبر شاهد على ذلك … فليس عليك سوى أن تنظر من حولك وتتمعن في محيطك. فهل ستنظر وترى مثالاً على ذلك ؟!

بواسطة حسام مدقه

إعلامي حائز على شهادتي الليسانس في الأدب الإنكليزي وفي علوم الاتصال ووسائل التواصل والسينما. عمل مترجماً متفرغاً مع عدد من محطات التلفزة وشركات إنتاج مرموقة ببيروت وعواصم عربية أخرى meddaka.wordpress.com