ضائعون

من أوائل المسلسلات التلفزيونية التي استحوذت على انتباهي بعد وصولي إلى كندا حديثاً كان مسلسلاً يُعرض للمرة الأولى بعنوان “لوست” أو “ضائعون” (2004 – 2010) تدور أحداث المسلسل – ظاهرياً على الأقل – حول سقوط طائرة ركّاب على جزيرة نائية ، ونجاة عدد من ركابها من الموت ، وكيف تمكنوا من البقاء على قيد الحياة رغم المصاعب التي واجهتهم ، كما تبين للمشاهد في الحلقات المبكرة من الجزء الأول من المسلسل.

غير أن ظروف الحياة هنا منعتني من متابعة الحلقات الأسبوعية أولاً بأول ، وملاحقة بقية أجزاء المسلسل الستة التي ضاع معظمها عليّ بسبب العمل أو الدراسة تارة أو السفر تارة أخرى. ما ترك في نفسي رغبة عميقة كنت أتوق معها إلى أن يُعاد عرض المسلسل في محطة أخرى لمتابعة ما فاتني نظراً لدراستي لفن السينما آنذاك في الجامعة. غير أن رغبتي هذه تحققت بعد نحو عشرين عاماً مع تطبيق ديزني بلس ، الذي أتاح لي فرصة مشاهدة المسلسل برمته ، ودون إزعاج الإعلانات التلفزيونية … وها أنذا أكتب عنه عدداً من أسباب تميزه من وجهة نظري الخاصة.

من أهم تلك الأسباب هو مدى التعقيد وتشابك خطوط قصة المسلسل ، والتي تجمع ما بين عناصر الخيال العلمي ، والظواهر الخارقة للطبيعة والدراما طبعاً. فقد تمكن القيمون على المسلسل من مؤلفين ومخرجين من الحفاظ على مستوى فعّال من التوازن في تطور الشخصيات الأساسية للقصة ، إلى جانب تشويق المشاهدين بألغاز وأحداث حركية ساهمت في جذب إنتباههم إلى حد كبير.

من المميزات الأخرى لمسلسل “LOST” كان استخدام تقنية “الفلاش باك” أو العودة بالذاكرة إلى الماضي ، إلى جانب “الفلاش فوروارد” أو التنبوء بصورة مستقبلية ممكنة أو معينة ، إلى جانب العوالم البديلة ، الأمر الذي أتاح إمكانية التعمق في الحكايات الخلفية لعدد من الشخصيات الرئيسية للمسلسل ، وتكوين عالم غني مليء بالتفاصيل والأحداث. كما تحدى المسلسل مشاهديه بتقديم عدد غير قليل من الألغاز التي حافظت على تحفيز عنصر التشويق لديهم ، ما وفر للمشاهد فرصة فرض نظرياته الخاصة حول حقيقة ما كان يجري بعد إذاعة كل حلقة جديدة.

أضف إلى ذلك تميز المسلسل بعدد المواهب المتنوعة التي تضمنها بين طاقم الممثلين ، والذين شاركوا فيه من دول مختلفة غير أمريكية ، إلى جانب لجوء مؤلفي المسلسل إلى استخدام المجاز والاستعارة الرمزية للغوص في أعماق شؤون إنسانية مثل الإيمان والأمل والخلاص.

المسلسل بشكل عام كان فريداً من نوعه جداً ، وقد اعتبره النقّاد فتحاً جديداً في تاريخ المسلسلات التلفزيونية حيث أعاد تعريف ما يمكن تحقيقه على مستوى شاشة التلفزيون ، فكانت له بصمة كبيرة وتأثيراً سيمتد لفترة طويلة على تقنيات صناعة المسلسل التلفزيوني.

يشرح هذا الفيديو من وجهة نظر أصحابه معنى أحداث الحلقة الأخيرة من المسلسل لتفهمه بشكل أفضل !

بواسطة حسام مدقه

إعلامي حائز على شهادتي الليسانس في الأدب الإنكليزي وفي علوم الاتصال ووسائل التواصل والسينما. عمل مترجماً متفرغاً مع عدد من محطات التلفزة وشركات إنتاج مرموقة ببيروت وعواصم عربية أخرى meddaka.wordpress.com