الزوجة الصالحة

• تزوجتها عن حب ، وأتخذتها زوجة بالرغم من عدم موافقة الجميع. ثم تعرضتُ لحادث سيارة بعد خمس سنوات من زواجنا. كان حادثاً خطيراً لم أدرك كيف نجوت منه حياً. قال لي الأطباء أنني لن أستطيع أن أمشي بعد الحادث بصورة دائمة ، أو ربما أتمكن من المشي قليلاً إذا تجاوبت مع العلاج.

شعرتُ حينئذ بأن نفسيتي قد دُمرت. صحيح أنني رجل ويجب أن أكون قوياً ، لكن كنت أسأل نفسي كيف سأنفق على زوجتي وأولادي. زوجتي ستتركني حتماً ، ولن تتحمل مشقة إكمال حياتها مع إنسان مشلول مثلي!

عندما استفقت وفتحت عيني رأيت أمي وزوجتي بجوار فراشي في المستشفى ، كانت أمي تبكي وفي حالة يُرثى لها ، أما زوجتي فنظرت إليّ وهي تبتسم وكأن شيئاً لم يحدث لي … قالت لي حمداً لله على سلامتك حبيبي … نظرت إليها وسألتها هل أخبرك الأطباء أني أصبحت مشلولاً؟ … هنا على صوت بكاء أمي … لكن زوجتي ابتسمت في وجهي وأجابتني قدّر الله وما شاء فعل ، هذا نصيبك ولا يمكنك أن تبدّله ، ثم ذهبت لتهدئ من روع أمي …

بقيتُ في المستشفى أسبوعين ، كانت تأتي زوجتي إليّ خلالهما كل يوم وتحضر معها الأولاد أحياناً. وأحياناً كانت تجلب معها طعاماً طيباً كانت قد أعدته في البيت. كانت تجلس بجواري تضاحكني ، وكنت أسألها إذا كان هناك ما ينقصهم فكانت تجيب ، لا شيء ينقصنا سوى وجودك معنا في البيت. فأسألها وإيجار البيت ، كيف دفعتيه؟ تجيبني بمال كان معي من أهلي …

كان وقوف زوجتي إلى جانبي في هذه المحنة أمراً لن أنساه في حياتي أبداً. لكن عندما رجعت إلى البيت أصبحت أكثر عصبية لإحساسي بالعجز ، وبأنني لن أتمكن من الحصول على عمل أنفق به على أسرتي. أصبحت أرى مدى انشغال زوجتي في عمل البيت وخارجه. كنت أنفس عن نفسي بضرب ما تطاله يدي ، وأحياناً أصرخ متحسراً على حالي. ذات مرة أسأت إليها وعاملتها بقسوة … كم شعرت آنذاك بحقارة ما بدر مني! لكنها لم تجاوبني ولو بكلمة واحدة ، ولم توبخني على ما قلت. كانت زوجتي ذات شكيمة قوية ، ولم تنهمر من عينيها دمعة واحدة ، قلبها كبير يتسع للدنيا كلها. تذكرت كيف تزوجتها عن حب ثلاثة أعوام ، وكم مرة تخطينا الصعاب معاً. قصتنا كانت معقدة لأن أمي كانت تريد أن أتزوج بابنة خالي ، وهددتني بأنها ستغضب عليّ إذا تزوجت بغيرها ، لكني أخبرت أمي آنذاك أنني أحب فتاة أخرى ولن أتزوج بغيرها. قالت لي لكن تلك التي تحبها بدينة وليست جميلة ولم تدخل قلبي. حتى أبي قال لي يُقال إن أهلها ليسوا طيبين ، وأن والدها مسجون بتهمة النصب ، قلت لهما إني أراها أجمل فتاة في الدنيا ، وما ذنبها هي إذا كان هذا والدها إن صح ما يقال ، أو إن كانت بدينة. وبالفعل بعد 3 سنوات رضخ والداي لإرادتي وقبلا بأن أتزوجها.

ذات يوم أتت إليّ أمي تقول لي زوجتك بنت أصول فعلاً ، ولم تتركك لحظة واحدة ، وتقوم بكل شيء بنفسها. قلت لأمي هل اقتنعت الآن أنها المناسبة لي؟ قالت لي خيراً أنك لم تتزوج بابنة خالك. لقد رفعت قضية طلاق على زوجها لأنه خسر عمله وأصبح وضعه سيئاً. نظرت إليها وقلت لها هل عرفت الآن لماذا اخترتها؟ قالت نعم يا ولدي.

ذات يوم كانت زوجتي تشعر بالتعب الشديد لكن أرادت أن تبشرني بأن التحاليل الطبية ظهرت وأن هناك أملاً في أن أتمكن من المشي مجدداً. حضنتها بشدة سعيداً بتلك البشارة. ثم بدأت العلاج الفيزيائي وبعد فترة طويلة تمكنت من المشي على قدمي قليلاً ، وعدت إلى عملي ، وتحسن وضعنا والحمد لله.

يقولون إن وراء كل رجل ناجح امرأة … أما أنا فأقول أن أمام كل رجل ناجح امرأة ، لأن المرأة القوية التي تقف بجانب زوجها مهما كانت ظروفه ، وتدعمه على الحلوة والمرة ، ولا تعرف التكبر والغرور هي عملة نادرة في هذه الأيام … وهي الزوجة المناسبة. فإذا أردت أن تتزوج لا تنظر إلى الشكل ولا الأهل ولا المظهر ، انظر إلى قلبها وروحها ، انظر إلى مواقفها مع من حولها ، ابحث عن الفتاة التي تساندك ، لأنها الوحيدة التي لن تشعرك بعجزك …

ابحث عن الفتاة التي ستبقى معك مهما أصابك ، وإياك أن تتخلى عن فتاة أحببتها لأنها كما أحببتك ستحب غيرك ! أو لأنها في يوم من الأيام أحبتك وسلّمتك قلبها ، لأنك في حياتك لن تجد واحدة مثلها تتزوجها ، لأنها هي تلك الزوجة المناسبة لك ، وسعادتك ستكون معها وحدها …

هديل قاسم
نقلتها للفصحى ماغي أيوب

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.