مطواة الجيب السويسرية

على الرغم من أنه يُعرف عن سويسرا بأنها دولة محايدة ، إلا أنها كانت وراء ابتكار واحدة من أكثر المعدات الحربية تطوراً من الناحية التكنولوجية ، وأكثرها تميزاً من حيث استخداماتها المتعددة والتي يعشقها ويستعملها كثيرون حول العالم. 

هذه الأداة المتعددة الاستخدامات تُعرف باسم السكين العسكري السويسري أو Swiss Army Knife بالإنكليزية ، وهي مطواة جيب تحتوي على أكثر من أداة تؤدي وظائف مختلفة. ومطواة الجيب هذه كانت نتاج أفكار صانع أدوات المائدة السويسري كارل إلزنير ، الذي عُرف بوطنيته الشديدة وغيرته من استخدام جنود بلاده الملاعق والشوك والسكاكين الألمانية الصنع ، فقرر  أن يبذل قصارى جهده ليفوز بعقد توريد أدوات المائدة لجيش بلاده من الحكومة السويسرية. 

في عام 1890 قام كارل بتصميم مطواة جيب فريدة من نوعها مزودة بآلية تعمل بالنوابض الرجوعية (الزنبرك) قادرة على جمع عدد من السكاكين مختلفة الأحجام. لكن عبقرية إلزنير تجلّت في اللحظة التي قرر فيها إضافة عدة أدوات أخرى إلى السكين الرئيسية مثل فتاحة علب الصفيح ، والثاقبة ومفك البراغي. ووفقاً لمصادر عدة ، كان مفك البراغي تحديداً السبب الرئيسي الذي أكسب ابتكاره الجديد شهرة واسعة بين جنود جيش بلاده. فبعد أن تحوّل مشاة الجيش السويسري إلى استخدام طراز جديد من البنادق القتالية ، كانوا بحاجة إلى مفك براغي لمساعدتهم على إجراء الصيانة اللازمة لبنادقهم تلك.

أطلق إلزنير على ابتكاره اسم “سكين الجندي” ثم أتبع ابتكاره الجديد بنسخة مستحدثة خفيفة الوزن تضم عدداً أكبر من الأدوات أسماها “سكين الضابط والرياضة”. وسرعان ما أصبح متعددو الحرف وهواة تصنيع الأشياء البسيطة يحملون تلك الأداة في جيوبهم. لكن الشهرة العالمية التي لاقتها تلك الأداة لم تظهر إلا بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية ، حين أطلق الجنود الأمركيون اسم “سكين الجيش السويسري” على تلك الأداة ، وهو الاسم الذي ظل ملازماً لها حتى هذا اليوم. 

يُذكر أن شركة فيكتورينوكس التي أسسها إلزنير لا تزال تواصل نشاطها التجاري ، حيث تقوم بتصنيع نحو 34 ألف أداة متعددة الاستخدام يمكن تعديل أدواتها على نحو 300 هيئة مختلفة ، حيث يمكن أن تشتري مطواة الجيب تلك لتضم ، على سبيل المثال لا الحصر ، قاطعة أسلاك ، مسطرة ، مُقلّم أظافر ، عدسة مُكبّرة ، إزميل ، كشّاف ضوئي ، قلم ، لولب سحب السدادات الفلينية ، أو حتى … خلالة أسنان. 

بواسطة حسام مدقه

إعلامي حائز على شهادتي الليسانس في الأدب الإنكليزي وفي علوم الاتصال ووسائل التواصل والسينما. عمل مترجماً متفرغاً مع عدد من محطات التلفزة وشركات إنتاج مرموقة ببيروت وعواصم عربية أخرى meddaka.wordpress.com