للمعانقة أثرها على الإنسانية

لحضن الإنسان قوة مذهلة في أحيان كثيرة وفي مواقف عدة. فالإنسان بفطرته يتفاعل مع ملمس إنسان آخر ، لكن احتضان الإنسان للأخيه الإنسان قادر على أن يحطم الحواجز السطحية بينهما. كما أن رؤية إنسان يحتضن إنساناً آخر قد تكون مصدر إلهام حقيقي ، وهو ما نلمسه بسهولة عندما نشاهد أباً يعانق ابنته الصغيرة أو أماً تعانق ابنها الصغير. لكن هناك حضناً أو معانقة من نوع آخر ساهمت قصتها في التقريب بين سكان بلدة صغيرة بولاية أوهايو الأمريكية ، وجعلت كل من رأي صورة تلك المعانقة يتأثر بها على نحو يدعو إلى الدهشة.

بدأت حكاية تلك المعانقة بين سيدة تدعى آني وقفت بمفردها عند ناصية شارع أمام مركز إسلامي في بلدة دبلن بولاية أوهايو ، تحمل لافتتين تنبذ فيهما الإسلام والشريعة الإسلامية. لكن ما حدث بعد ذلك ربما لم يتوقعه أحد أبداً. فعندما استجابت آني إلى نداء أطلق عبر الفايسبوك للمشاركة في حملة أسميت “الحشد العالمي من أجل الإنسانية” ، وجدت آني نفسها وحيدة تتظاهر ضد الإسلام أمام مركز النور الثقافي الإسلامي في بلدة دبلن بولاية أوهايو ، بعدما لم يلب نداء الحملة سواها. وفور وصول آني إلى منطقة التظاهر المتفق عليها ، انضم إليها أفراد آخرون مناهضين للتظاهر من ديانات أخرى ، دخلوا معها في حوار ودي هادئ حول الإسلام. كما قدم عدد منهم لآني الدعوة إلى الدخول للمركز الثقافي من أجل شرب فنجان من القهوة ، لكنها رفضت. في تلك اللحظة تقدمت منها سيدة أخرى تدعى سنثيا بذراعين مفتوحين.

سنثيا كوكس دي بوتينقار خرجت من المسجد مباشرة نحو آني وطلبت منها أن تعانقها ودون سابق مقدمات. تقول سنثيا متحدثة لجريدة كولومبس ديسباتش إنها لا تقترب عادة وتعانق شخصاً يمقتها ، لكن شيئاً ما اعتراها في تلك اللحظة ودفعها للقيام بذلك مع آني. وتضيف سنثيا إنها اقتربت من آني بذراعين مفتوحتين وقالت لها ، هل تسمحين لي بمعانقتك؟ نظرت آني إليّ باستغراب وقالت لي حسناً.

تقول سنثيا: شعرت بأنها كانت متوترة جداً وكانت ترتجف قليلاً. حضنتها ، لا أعرف لماذا فعلت ذلك ، و سرعان ما شعرت باسترخاء جسدها. تراجعت إلى الوراء بعيداً عنها وابتسمت لي. وجهت سنثيا الدعوة إلى آني لتناول شربة ماء وقالت لها نحن أمريكيون أيضاً ،أعدك بأن أبقى معك وبجوارك. قبلت آني الدعوة ومشيت السيدتان جنباً إلى جنب إلى داخل المسجد ، وحملت سنثيا إحدى اللافتتين بنفسها.

في داخل المركز الثقافي للمسجد ، استقبلت مجموعة حوار الأديان كل من آني وسنثيا بتصفيق حار. ثم قامت آني بجولة في المكان وتحدثت مع القيمين على المسجد لبضعة ساعات. تقول سنثيا لجريدة كولومبس ديسباتش فلنصنع المحبة وليس الحروب.

منذ لقاء آني وسنثيا انتشرت صورة معانقتهما انتشاراً واسعاً. وعلى الرغم من أنهما ليستا صديقتين حميمتين إلا أن السيدتين تمكنتا من كسر الحاجز بينهما والتقرب من بعضهما البعض كإنسانتين من خلال تلك المعانقة. إن قصتهما هذه وانفتاح كل منهما على الآخر يجب أن تكون مصدر إلهام للعالم كله. هذه القصة غير العادية هي خير مثال على أن معانقة الإنسان لأخيه الإنسان قادرة على أن تقرّب بين البشر ، وعلى رفع الحواجز التي ربما شيدتها مفاهيم خاطئة أو وسائل إعلام تهدف إلى شق الصف الإنساني وتصنيفه على أنه درجتين غير متساويتين مع أننا خلقنا جميعاً سواسية كأسنان المشط.

12119035_903305719750505_4241191089662978274_n-600x80012106912_903305693083841_1425398413369141039_n12074659_903305766417167_3092016578029515539_n-600x800e1703de77c29c15a5a64669371eac1ab12096054_903305776417166_1056252197618154431_n-600x450

بقلم: ماغي أيوب

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.