عوانس … التعليم العالي!

تختلف الآراء حول المرأة التي يفضّل معظم الرجال الارتباط بها زوجةً، وأماً لأولاده وبناته. لكن من الواضح أن كل رجل يفكر كثيراً قبل أن يتخذ قرار الارتباط بامرأة تتفوّق عليه في نسبة الذكاء، وهو ما تؤكده دراسة اجتماعية طريفة أثبتت أن معظم الرجال يفضّلون عدم التورّط في علاقة مع امرأة أكثر منهم ذكاءً وفطنة.

ويمكن تفسير هذه النتيجة بأن الرجل الذي يرفض إقامة علاقة مع امرأة شديدة الذكاء، فهو يفعل ذلك بدافع الحفاظ على شعوره الأناني بضرورة التفوّق على المرأة التي يختارها شريكةً لحياته. لكن الأمر لا يخلو من بعض “الغش”، حيث تستطيع المرأة الذكية أن تتظاهر ببعض الغباء والسذاجة، إذا أعجبت بعريس “الغفلة” الذي ترغب في الارتباط به، وتريد طمأنته منذ بداية العلاقة أنه هو الأذكى وصاحب الشخصية القيادية في العلاقة … ولو إلى حين!

وعلى سبيل المثال، أكد تقرير نشرته جريدة “لو فيغارو” الفرنسية أن عدد النساء العازبات في فرنسا تضاعف على مدى الأعوام الثلاثين الأخيرة. وتتنوّع الأسباب التي أدّت إلى نشوء هذه الظاهرة الاجتماعية، مثل ازدياد النزعة الفرديّة لدى الفرنسيات، والمنحى الديمقراطي للطلاق “بالتراضي”، وكذلك الدخول في سوق العمل بعد التخرّج في الكليات الجامعية. وقد تضاعفت نسبة العازفين عن الزواج عند الجنسين من 6 في المئة من السكان عام 1978 إلى 12 في المئة في العام الجاري. لكن نسبة النساء العازبات كانت الأعلى، حيث ازدادت بشكل مطرد من 17 بالمئة إلى 20 بالمئة خلال السنوات العشر الأخيرة، ووصل إجمالي عدد الفرنسيات العازبات اليوم إلى ما يعادل أربعة ملايين ونصف المليون، في مقابل ثلاثة ملايين رجل أعزب فقط.

وحسب خبراء الاجتماع، فإن هذا التطور الملحوظ في عدد النساء العازبات يرجع إلى عوامل اجتماعية عدّة، أهمّها “زيادة أجر المرأة واستقلالها المالي والمهني” الأمر الذي دفعها إلى تأجيل الارتباط الزوجي، أو حتى الانفصال إذا كانت متزوجة. ويفسر الخبراء أسباب العزوف عن الزواج وزيادة نسب الطلاق بأن المرأة الشابة التي لم تتابع تحصيلها العلمي هي الأوفر حظاً في الزواج المبكر وتكوين أسرة جديدة، وذلك على العكس من البنت الشابة التي تتابع دراساتها الجامعية العليا، والتي تُمضي فيها سنوات طويلة نسبياً، وتضطر لذلك إلى أن تؤخر مشروع زواجها لمدة عشر سنين تقريباً، لتكتشف أن الزمن قد قلص من فرصها في الزواج، وقد تواصل حياتها وحيدة من دون زواج!

وهناك تفسيرات أخرى لمسألة العزوبية، أو العنوسة، ترتبط بدرجات الطموح ومتطلبات الفتاة ذات التعليم العالي، وشروطها في اختيار العريس المناسب لها، بمعنى أنها لا ترتبط إلا برجل “يملأ عينها” كما يقال. فبالنسبة إلى فتاة طموحة ومتفوقة علمياً ومهنياً، يجب أن يكون شريكها متصالحاً مع نفسه، ولا يعاني عقد نقص ذكورية، إضافة إلى ضرورة أن يكون الزوج المفضّل يعمل في وظيفة تشغل معظم وقته، لكي يتزامن دوامه في العمل مع انشغال زوجته هي أيضاً بوظيفتها، وهو ما يؤدي في الواقع إلى “الإفراط في الانفراد”. والفئة الأكثر معاناةً من الوحدة العاطفية هن النساء المديرات وصاحبات المراكز المهمّة، ذلك أن طموحهنّ يشكل عامل خوف لدى الرجال. وقد أثبتت الإحصاءات أن ما يقارب 18 بالمئة من النساء المديرات اللاتي تتراوح أعمارهنّ بين 30 و 59 سنة عازبات ، أو بالأحرى … عوانس.

بقلم عبد الكريم بيروتي
كلام نسوان

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.