هل ترتدي المرأة ما يعجبها؟

• اختيار المرأة الزيّ الذي ترتديه مرهون بموافقة المجتمع، ومسايرة القواعد العامة المعمول بها في المؤسسات الحكومية، أو الجامعات، وهو ما يزيد من معاناة المرأة اجتماعياً، وخضوعها للأهواء والعادات والتقاليد. وعلى الرغم من أن المجتمع المصري يعيش حالة من التقدم والتطوّر النوعي في مجال التكنولوجيا، فإنه لا تزال هناك بعض الأفكار القديمة التي تقول إن المرأة تزداد احتراماً كلما ازدادت مساحة القماش الذي يغطي جسدها. وقد كان قرار جامعة القاهرة منع ارتداء الطالبات الملابس الضيقة، شاهداً على أن زيّ المرأة لا يرتبط بالحرية، بقدر ما يتعلق بنظرة المجتمع إليها، وكل ما على المرأة فعله هو أن تنصاع للأوامر إذا أرادت أن تتجنّب المضايقات، فقد منعت إدارة الجامعة ارتداء “الشورت” و”الشبشب” و”البارتكول”، و”الفيزون”، و”البادي كت”، بدعوى حماية المرأة من النظرات “المحمومة”، وتحصينها من المتحرّشين وضعاف النفوس.

وفي جامعة الإسكندرية مُنع دخول الطالبات اللاتي يرتدين السراويل الممزّقة، وهي موضة حديثة يرتديها بعض الشباب والفتيات، وأصبحت متاحة في أغلبية المحال التجارية، حتى في المناطق الريفية. وربما تكون المرة الأولى التي تفرض فيها بعض المؤسسات الحكومية على المرأة ارتداء ملابس معينة في أثناء حضورها إلى العمل، وإلا تعرّضت للمساءلة القانونية، أو معاقبتها بالحسم من راتبها، حتى لو كانت طبيبة أو مهندسة.

وتقول شابة عشرينية في القاهرة إنها تخرّجت في كلية الإعلام، وحينما تقدمت للعمل في إحدى شركات العلاقات العامة، أبلغوها بضرورة عدم ارتداء الحجاب والعباءة والملابس الواسعة، شرطاً لقبولها بالعمل، لكنها رفضت ذلك لأنها “ملتزمة” ووالدها إمام في أحد المساجد. وأضافت تقول: للأسف، نحن مجتمع يتعامل بمزاجه مع المرأة، فهناك من يرى أن ارتداء المرأة للبنطلون الجينز والـ “تي شرت” ينمّ عن عدم احترام، ولا يصحّ الخروج بهما أصلاً، وقد يُنظر إلى عملها في مهنة تختلط فيها مع الرجال بأنه يمس بكرامتها، وهناك من يرى أن عملها في كبرى الشركات والمحال التجارية يضمن لها الحصول على راتب أعلى. وتساءلت الشابة: هل المطلوب من المرأة أن ترتدي وتخلع من الملابس ما يتناسب مع ذوق المجتمع، أم أن لها الحق في ارتداء ما يناسب ذوقها، وأن تحصل على حقها كاملاً في التعليم والعمل في وظيفة تناسبها؟

لكن، هناك من يقول إن المسألة برمّتها تنمّ عن خلل مجتمعي، فالمتشددون من الرجال يقيّمون احترامهم للمرأة وفقاً لنوعية ما ترتديه من ملابس، فإن ارتدت عكس توجهاتهم تكون امرأة غير سويّة وتستحق ما تتعرّض له من تحرّش ومضايقات. في حين يرى الآخرون أن المرأة التي تخضع للفكر المتشدّد “غير متحضرة” ومقيّدة الفكر والروح. لكن الأمر لا يرتبط حتماً بالجهل، أو تدنّي مستوى الثقافة والتعليم، بقدر ما يتعلق بالعادات أحياناً، خصوصاً أن قرار بعض الجامعات منع ملابس بعينها صدر عن أساتذة تعليم، وليس عن أشخاص متشدّدين وأصوليين. وهناك من يقول إن الحكم على المرأة من خلال ملابسها، يعكس روحاً عنصرية واضحة، لدى فصيل كبير من الرجال يحاول أن يحجب عن المرأة حقها في اختيار الملابس التي تعجبها، وترى أنها تلائم أسلوبها في الحياة وذوقها في عملية الاختيار. ومن الصعب أن تتغير النظرة إلى هذه المسائل، بعدما أصبح المجتمع هو الذي يعطي المرأة حريتها وفقاً للتقاليد السائدة. وإذا كان فرض زيّ محتشم على المرأة لحمايتها من المضايقات، فهناك من ترتدي الحجاب والنقاب.. ولا تنجو من المضايقات.

بقلم عبد الكريم بيروتي
كلام نسوان

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.