كيف تصبح مليونيراً

• أحد مشاهير الأثرياء العرب قال لمجلة أوروبية أن الرجل الذي يزعم أنه يعرف تماماً كم تبلغ ثروته بالأرقام لا يعتبر في الواقع رجلاً … ثرياً! وقد أعجبتني طبعاً هذه “النظرية” المدهشة خصوصاً وأن صاحبها لا يعرف ولا يستطيع أن يعرف بالضبط كم تبلغ قيمة ثروته من المال السائل والذهب الأصفر والعقارات والأسهم وغيرها.

ومما يؤكد سلامة وصحة هذه “النظرية” أنني أنا شخصياً منذ أن تعلمت جدول الضرب وعمليات الجمع والطرح في المدرسة وأنا أعرف تماماً بالدرهم والفلس كم تبلغ “ثروتي” من المال، وهذه لم تكن أبداً من العمليات الحسابية المعقدة بالنسبة لي على الأقل ، إذ أن الأرقام لا تستحق أي جهد أو عناء فهي غالباً تتراوح بين الصفر في معظم أيام الشهر وبين رقم الراتب الذي أتقاضاه في بداية كل شهر، وهو رقم معروف لدى السيد مدير الحسابات في الجريدة، ووزارة الداخلية المنزلية التي تتولى بنفسها معالجة تصريف الراتب وعملية تبديده والإجهاز عليه خلال أيام قليلة … وتترك لي بعد ذلك مهمة تدبير المبالغ المطلوبة من الأصدقاء والأجاويد إلى أن يحين موعد استلام الراتب الذي يليه!

وهذا دون شك يدعم “نظرية” الملياردير العربي الشهير الذي لا يستطيع معرفة قيمة ثرواته وممتلكاته … أما أنا فأستطيع أن أعرف بالضبط قيمة ما أملك ولكني عاجز عن معرفة حجم الديون التي ترتبت عليّ بعد كل هذه السنوات من العمل والنشاط والإنتاج … !

ولست أحسد أحداً على رزقه ، حاشا لله ، فالأرزاق من عند الله ، ولله في خلقه شؤون: ولكني غير يائس حتى الآن من إمكانية تحقيق بعض الأحلام التي تراودني أحياناً وأتخيل نفسي مثل صاحبنا الملياردير الذي لا يعرف كم تبلغ ثروته وإن كنت متأكداً من أن زوجته تعرف ذلك لأن لدى النساء ذاكرة قوية جداً في هذه الأمور.

وأذكر قبل سنوات أنني اشتريت كتاباً يحمل عنوان “كيف تصبح مليونيراً؟! وقرأته أكثر من مرة بشغف شديد واكتشفت أن المؤلف اكتفى بتوجيه النصائح والإرشادات للقراء الطموحين من أمثالي ، وأصبح هو ، أي المؤلف ، مليونيراً بعد أن باع كميات هائلة من كتابه وبقينا نحن القراء كما كنا من قبل أن نشتري كتابه …!

ورغم كل ما صادفته في حياتي من رجال يكسبون الملايين بطرق مختلفة لم أستطع أن أفعل مثلهم مما يؤكد بالتالي أن الوصول إلى الثروات يحتاج إلى موهبة خاصة يبدو أنني لا أتمتع بها وإلا لما وجدتُ متسعاً من الوقت لأكتب هذا الكلام للقراء الفقراء الذين لديهم متسع من الوقت لقراءته … !

بقلم عبد الكريم بيروتي
كلام نسوان

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.