الحروب الأهلية الإلكترونية

• بغض النظر عن أهميتها البالغة كونها وسائل اتصال وتواصل آنية ذات وسائط متعددة ، وبغض النظر عن ايجابياتها المتعددة ، إلا أن هناك جانباً آخر لمواقع التواصل الاجتماعي قد لا يعيره البعض أي أهمية . فالعديد من هذه المواقع أصبحت في الوقت الراهن مركزاً سهلاً لسبر أغوار متابعيها العقلية والنفسية ، لتحديد ماهية انتماءاتهم السياسية والعقائدية. لذلك فإنه بالتدقيق يُلاحظ انتشار منشورات إلكترونية من كافة الأنواع وتغطي كافة المجالات ، والتي تلعب على أوتار عدة بهدف استقطاب أكبر قدر ممكن من المتابعين إلى صفحات تشبه غرف للمراقبة والتحليل مزودة بمرايا كاذبة لا يُعرف من يقف خلفها.

إن المستفيد من جمع هذه المعلومات والبيانات عن مستخدمي مواقع التواصل لم يعد يقتصر على شركات التسويق التجاري أو ما شابه ، بل أصبح متاحاً لجهات أخرى مثل السلطات على سبيل المثال ، والتي تستخدم هذه المواقع للإيقاع بالمجرمين والمحتالين ، أو لجهات تعمل على تجنيد البعض وغسل أدمغتهم لأهداف تخدم توجهاتهم الأيدولوجية. لذلك فإن قيام مستخدمو تلك المواقع بـ “ستر” خصوصيتهم ، والتدقيق في مصادر ما يُنشر عليها قبل تقبلها ، وعدم الانسياق بشكل أعمى وراء كل منشور هو مسؤولية كل من قبل بالانضمام إلى تلك المواقع.

%d8%b4%d8%af-%d8%b4%d8%b9%d8%b1

قد نتساءل إذاً أين يكمن خطر هذه المواقع. الخطر إذاً هو في إمكانية تطويعها و “بسهولة” كوسيلة لتحقق مقولة “فرّق تسد” ، فتكون منصة تنطلق منها شرارة لـ “حروب أهلية إلكترونية” ذات أثار أكبر وأقوى من نظيرتها التقليدية إن هي تحولت إلى أرض الواقع فعلاً، لأن “الأهل والجيران” هم ببساطة أكثر دراية عن غيرهم بمكامن القوة ونقاط الضعف في الطرف الآخر.

من هنا تظهر ضرورة حفظ خصوصيات الفرد وعدم التفريط فيها أو التساهل في حفظها ، ما يستوجب التعامل مع تلك المنشورات بحذر وحنكة ، وعدم الانسياق وراء المشاعر عند التفاعل معها. فتبادل الصور والأخبار بين الأهل والأصدقاء وتفاعلهم مع بعضهم البعض لم يعد أمراً خاصاً بل قد يخرج عن إطاره الضيق إلى ما هو أوسع من ذلك بكثير.

بقلم: حسام مدقه
مجرد رأي مجرد

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.