من معاني الرجولة

• قد لا نرى في هذه الصورة صورة عادية لطفلة ربما تشعر بالخجل من التحدث أمام الميكروفون ، لكنها صورة مرتبطةً بقصة قد تبين لنا واحدةً من معاني الرجولة الحقيقية ، في عالم أصبحت فيه المظاهر والشكليات تطغى على الجوهر الحقيقي للإنسان ، إلى درجة أن هذا الجوهر تلاشى تماماً في مناسبات كثيرة.

الصورة ببساطة هي لطفلة صغيرة تبكي ورجلاً يحمل ميكروفون وكأنه يجري معها حواراً. لكن القصة وراء الصورة هي أكبر من ذلك بكثير. فهذا الرجل هو عريس في يوم عرسه ، والفتاة هي إبنة عروسه والتي تخلّى عنها والدها وتركها وأمها تواجهان قسوة الحياة وحديهما.

أراد العريس ، الذي أغرم بحب والدة الفتاة قبل سنوات ، أراد أن يتقرّب إلى إزموندا ، إبنة زوجته ، بطريقة ربما لم يعهدها أحد من قبل ، لكي يمنحها ذلك الشعور الذي ربما حُرمت منه ، شعور الأبوة ومثال الأب القدوة. ففي يوم زفافهما ، وقف العريس والعروسة أمام الآخر وتبادلا وعود الزواج كما هو معتاد حسب التقاليد المتبعة في بلديهما. وبعد أن اكتملت طقوس زواجهما ووضع في يد عروسه الجديدة خاتم الزواج كعلامة على ارتباطهما الأبدي ، جثم العريس على ركبتيه ليكون بمستوى عيني ابنة عروسه التي بقيت بجوار أمها طوال الوقت ، وسألها: هل تقبلين بأن تكوني إبنتي إلى الأبد؟ ثم أخرج من جيبه “خاتم الوعد” ليوثق به طلبه هذا. فما كان من الطفلة الصغيرة التي فاجأها الموقف إلا أن أجهشت بالبكاء بكل براءة ، وأومأت برأسها موافقة ، ثم مدّت يدها ليضع خاتم الوعد الذي قدمه لها والدها الجديد في إصبعها الصغير ، لتعانقه بعد ذلك عناق إبنة وجدت في زوج أمها الأب الذي لطالما اشتاقت لحنانه وحضنه الدافئ ، ولتوافق بقبولها الخاتم على أن تكون ابنته إلى الأبد ولتباركه زوجاً لأمها.

هذه المبادرة لم يكسب بها الرجل قلب إبنته الجديدة فحسب ، بل قلب زوجته كأم أيضاً ، فكانت هذه اللحظة سبباً جعل عيون المدعويين في القاعة تتلألأ بدمعات الفرح والسرور ، لأن الأم وابنتها وجدتا رجلاً بمعنى الكلمة يكملان معه رحلة الحياة في كنف أسرة واحدة تحيط بها المحبة والطمأنينة من كل جانب.

إعداد حسام مدقه

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.