نجوم بلا بريق

كم نفرح عندما نرى ممثلا عربيا في فيلم أميركي ، عندها نهتف فورا ، لقد بلغ العالمية ! أي أنه أصبح أهم وأعلى مستوى من الممثلين العرب المحليين. وبغض النظر إن كان هذا تقييما موضوعيا لمستوى أداء الممثل أم لا، فهو يعكس نظرة المشاهد – إن لم تكن نظرة الممثل أيضا – الى هوليود واعترافه الضمني بسلطتها المطلقة على السينما وعلى وعيه. ترى هل هذا هو سبب تهافت الممثلين العرب للظهور في السينما الأميركية في أي دور مهما كان مسيئا لثقافتنا؟ هل صحيح أن أي ممثل عربي في أي فيلم اميركي يصبح أهم من أقرانه لمجرد ظهوره في هوليود؟

ربما أكثر ما يميز هوليوود عن غيرها من مدن السينما العالمية، هو أنها تفتح أبوابها للموهوبين من جميع الجنسيات والدول، لكنها تحولهم في ما بعد إلى أدوات تخدم أفكارا مسيّسة وأجندات ، ورغم ذلك يبقى بريق الشهرة والأموال الطائلة التي تقدمها صناعة الأفلام من أهم الأسباب التي يتهافت عليها العديد من الممثلين العرب في محاولة للوصول إلى عاصمة السينما الأميركية ، وتحقيق الشهرة فيها. ويبقى معظمهم محصورا في دور الشرير أو الإرهابي ما عدا بعض الإستثناءات الآتي ذكرها.

أبرز من سطع نجمه في هوليود وفتح الباب على مصراعيه لحلم النجومية فيها كان عمر الشريف. الذي ظهر بدور ثانوي في تحفة المخرج دايفد لين السينمائية ” لورنس العرب” Lawrence of Arabia (1962) وهو فيلم يُعد من أهم الأفلام في تاريخ السينما حول مرحلة سايكس بيكو والثورة العربية. لكن الفيلم بالغ في أهمية ضابط الاستخبارات البريطاني توماس لورانس الذي بدا و كأنه مفجر الثورة العربية ، كما أظهر الفيلم العرب كقبائل بدوية متخلّفة ومتناحرة تنتظر أوامرها من هذا الضابط الأبيض المتحضر. طبعاً لايمكن اختصار مسيرة عمر الشريف الذي أدى العديد من الأدوار الهامة مثل Doctor Zhivago ، لكننا نأسف عندما نراه ينهي مسيرته مكررا الصورة النمطية لشيخ القبيلة المتخلف الذي يطلب نجدة راعي البقر الأميركي في Hidalgo فنراه متحمساً بشدة عندما يرى مسدسا أميركيا ، وعندما يقول بفخر إن اسطبل الخيل أهم من نسائه.

الممثل السوري غسان مسعود بدوره شارك في أعمال سينمائية ضخمة ، فمن ينسى دوره بشخصية صلاح الدين الأيوبي في فيلم Kingdom of Heaven للمخرج ريدلي سكوت. لكن ظهور مسعود على الشاشة الأميركية تقلص بشكل كبير بعد هذا الفيلم ، وتحول إلى مجرد كومبارس ظهر في بضع لقطات من فيلم Pirates of the Caribbean: At World’s End ، كما ظهر في مشاهد قصيرة ودور لا يذكر في فيلم ريدلي سكوت المثير للجدل Exodus: Gods and Kings

يسعى الممثل المصري عمرو واكد للعمل في هوليوود ، وكانت بداية أدواره فيها ضمن صورة المسلم الإرهابي النمطية في مشهد قصير في بداية فيلم Syriana ، كما لعب واكد دور شيخ يمني مع إيوان ماغريغور في Salmon Fishing in the Yemen وهو فيلم يكرّس صورة العربي الثري غريب الأطوار ، وإن كان طيب القلب ويحتاج طبعا لعقول بريطانية لتنمية بلاده المتخلفة. ثم تبعه ظهور آخر لعمرو واكد مع سكارليت جوهانسن ومورغن فريمان في فيلم Lucy. وكان دوره أقرب إلى دور الكومبارس أو السائق، ولم يتفوه سوى ببعض الجمل طوال الفيلم ، لكنه لم يكن إرهابيا هذه المرة لحسن الحظ ، كما رأينا مؤخرا الممثل الفلسطيني وليد زعيتر يؤدي مجددا صورة العربي الإرهابي في فيلم يضج بالعنصرية تجاه العرب هو فيلم London has Fallen

أما الممثل المصري سيد بدرية ، أحد أكثر الممثلين العرب مشاركة في أعمال هوليوودية ، والذي قام بدور البطولة عام 2008 في فيلم بعنوان AmericanEast والذي شارك فيه أيضاً النجم الأمريكي اللبناني الأصل طوني شلهوب ، فقد اقتصر ظهوره في بداية مشواره الهوليوودي على أدوار صغيرة كمسلم إرهابي أو عربي متخلف. حيث مثّل دور الإرهابي في فيلم Iron Man ، ودور الفلسطيني المتخلف الذي تفوق عليه الإسرائيلي الخارق في فيلم آدم ساندلر You Don’t Mess with the Zohan ، وأدى دور خادم الديكتاتور في فيلم The Dictator إلى جانب أدوار أخرى.

بالمقابل هناك من رفض المغريات ومحاولات التشويه ونجح في إثبات جدارته ونذكر على سبيل المثال لا الحصر الممثل المصري رامي مالك. رامي مثل غيره من الممثلين العرب في هوليوود، كان عرض العمل الأول له هو تأدية دور ارهابي. لكنه قرر ألا يلعب اي ادوار ارهابية ، مركزا على أدوار جوهرية خالية من القوالب النمطية ، فشاهدناه في فيلم THE MASTER وكان بدور الفرعون في سلسلة افلام Night at the Museum . حتى برز بطلا لمسلسل Mr Robot الذي يتمحور حول شخصية هاكر يقضي لياليه في اختراق الحواسب الشخصية لبعض الناس، فاضحا جرائمهم. ولكن هدفه الاكبر هو فضح الشركات العالمية الكبرى وزعمائها الاثرياء.

قد يقول البعض ان الممثل هو فنان مهمته تنحصر في تقمص شخصيته ببراعة بغض النظر عن المضمون، لكنه تعريف محدود الأفق ينفي مشاركة الممثل الفعالة في العملية الفنية، كما يحتم بالضرورة تحول الممثل إلى أداة عمياء لتنفيذ أهداف مشبوهة غاياتها تشويه الدين والتاريخ والهوية.

بواسطة جمال قبطان

كاتب لبناني متخصص في الشؤون السينمائية والنقد الفني