كلام كبير قوي

• تستوقفني من حين لآخر على شبكات التواصل الإجتماعي منشورات لكل من “هب ودب” تملأ تلك الصفحات والمجموعات المتنوعة فيها. وبالتعمق في بعض تلك المنشورات المصوّرة أو المكتوبة يتبين أن بعض الباحثين عن الإعجاب بأشكاله المختلفة ، واللاهثين وراء متابعة البعض لهم على شبكات التواصل الإجتماعي ، أصبحت هاجساً وإدماناً متسارع الوتيرة ، ربما ينبع من نقص في الشخصية ، من جهة ، أو لخدمة أهداف أو أجندة خفية من جهة أخرى ، وذلك في عالم تحوّلت فيه المظاهر أكثر فأكثر إلى بوابة نحو عالم الشهرة والنفوذ و … البلاء أيضاً.

هذا النقص سواء كان حقيقياً أو مصطنعاً عادة ما يدفع هؤلاء إلى التفنن في أساليب “التمسكن” الصادمة ، إما باستخدام صور ورموز معينة للفت الانتباه ، أو بإطلاق وابل متواصل من المنشورات تبدأ من تحت الحزام ثم تتجاوز العقل والمنطق بسرعة لتدخل اللاوعي مباشرة ، لتنشرها الألسن كالنيران في الهشيم، دون وعي ناشريها المنطقي ، لتتجسد بذلك نظرية القطيع التابع في أبهى صورها. وعليه يهدف هؤلاء إلى “للملمة” أكبر قدر ممكن من نقرات الساقطين في تلك الفخاخ المصوّرة بشتى الوسائل المتاحة ، إما لتغذية أيدولوجية معينة وتوزيعها كبطاقات هوية مجانية ، أو لسد الفراغ النفسي الذي يعيشونه في مجتمعهم المتوحد ، المعزول فكرياً بإرادتهم التي ربما سُلبت من جراء بيئة موبؤة تخلو منها الورود الجورية.

إن مداواة هذه الظاهرة حتماً يحتاج إلى وقت طويل نظراً إلى فورة الاتصالات الحالية وتقاعس المسؤولين عن أداء أدوارهم المنوطة بهم وتحديث وسائل التعليم التي أكل عليها الزمن وشرب. فالتأثير السلبي لهذه الفورة أشبه بالفائدة المركبة للبنوك وتراكماتها تكاد تكون أسرع من أي قرار لمواجهتها. لذلك فإن العلاج ينبغي أن يبدأ بالشخص نفسه وبوضع خطة عامة تبنى على أصول فكرية سليمة ، تخلو من جرح الذات والذات الأخرى ، وتحترم العقل وتبجل العلم ، تبدأ بوأد الجهل ونفض غبار التخلّف الذي غطى العقول على مدار قرون مضت. إن دواء هذا الداء يجب أن يتكوّن من خلاصة العلم التي تعتمد على الفهم ، وليس على الحفظ والحشو والسرد كالأسطوانات المشروخة. دواء يتم تفصيل العلم فيه على قياس المتعلّم وقدراته الذهنية وإمكانياته وميوله ، فالزي بالمقاس الواحد لا يناسب كل واحد.

بقلم حسام مدقه.

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.