سكان كندا الأصليين

• نفتخر جميعاً بكندا وحضارتها و تاريخها وقد ننسى .. أو نتناسى في بعض الأحيان أن هناك جانباً مظلماً في تاريخ كندا لا نود الحديث عنه ، وهو الظلم الذي وقع على سكان كندا الأصلين. المظالم التي وقعت على السكان الأصلين كثيرة وعظيمة ، لكن ليس هدفنا نبش الماضي وانما التذكير بأن السكان الأصلين هم أصحاب الأرض وفي اعتقادي أنهم روح كندا الحرة وأن ما نتمتع به اليوم من رخاء وسعادة إنما بُني على عذابهم وظلمهم. لا بد لنا كمهاجرين جدد أن نقدم لهم كل احترام وتبجيل ولا ننسى أنه في نفس الوقت الذي كانت كندا ترحب بنا ككنديين جدد كانت الحكومات الكندية السابقة قاسية في تعاملها مع السكان الأصلين … وهذا المنشور المتواضع هو للتعريف بهم :

سكان كندا الأصليين هم :
1) انويت (Inuit) الذين يسكنون مناطق القطب الشمالي (4%). يعرفون أيضاً بـ “الأسكيمو” لكن يرى البعض أن مصطلح “الإسكيمو” فيه نوع من الازدراء ، لذلك في كندا – بشكل عام – لا يتم استخدام هذه التسمية. تاريخياً الإنويت صيادون رُحّل يتنقلون من مكان الى أخر بحسب الموسم. حالياً وبسبب وجودهم في المناطق الشمالية القطبية لكندا يعتبر ايصال المواد الغذائية كالفاكهة والخضار والحليب مكلفاً جداً ويصل الى أسعار خيالية. لذلك يعتمد قسم كبير من الإنويت في غذائهم على الحيوانات المتواجدة في تلك المناطق كلحم الحوت والاسماك والفقمة. الإنويت يشتهرون ببناء الأكواخ الثلجية المعروفة بالانكليزية بـ (Igloo).

2) ميتيس (Métis) المنحدرة من أصول مختلطه بين السكان الأصليين والأوروبيين (30%)

3) الأمم الأوائل (First Nations): مصطلح الأمم الأولى يدل على الشعوب الأصلية الموجودة في كندا ، بأستثناء الانويت (Inuit) والميتيس (Métis) . ويعرفون أيضاً بـ Indians (الهنود)، على الرغم من وجود مصطلح Indians في الكثير من الوثائق القانونية الكندية واستخدامه في الحياة العامة ، ألا أن هناك نقاش شبه مستمر على ما اذا كانت هذه التسمية مقبولة حيث يرى بعض الدارسين والسكان الأصلين أنها لا تمثلهم وهم يفضلون أن يتم وصفهم بناءً على القبيلة التي ينحدرون منها بالاضافة الى أنهم يعتبرون هذا المصطلح مسيئاً.

عدد السكان الأصليين 1,400,685 ما يشكل 4.3% من سكان كندا ، 65% هم من الأمم الأوائل ، 30% ميتيس (Métis) و- 4% انويت (Inuit).

في كل عام تحتفل كندا بيوم السكان الأصلين (National Aboriginal Day) في 21 يونيو/تموز كنوع من الأحتفال بالتراث الفريد والثقافات المتنوعة والإنجازات المتميزة لسكان كندا الأصلين.

بالاضافة الى المعروف من الاستحواذ على أراضيهم من غير حق ، يتعدد الظلم الذي وقع عليهم. ومن أهمها إصرار الحكومات الكندية السابقة على دمج و صهر السكان الأصليين بالحضارة الغربية وتجريدهم من عادتهم وتقليدهم ولغتهم. ابتدأً من محولات التنصير الطوعية مروراً بانظمة وقوانين ممنهجة مثل Gradual Civilization Act و Indian Act وانتهاءً بما يعرف بالمدارس الداخلية الخاصه بـ Indian residential school .

لا بد من التوقف عند المدارس الداخلية الخاصة المعروفة باسم Indian residential school (من 1876 الى 1996) :
هي شبكة من المدارس الداخلية المخصصة للسكان الأصلين ممولة من قبل الحكومة الكندية وكان يتم ادارتها من قبل الكنيسة. كان الهدف الرئيسي من هذه المدارس هو أبعاد أطفال السكان الأصليين عن ثقافتهم وفرض ” الثقافة الأوروبية الكندية ” عليهم في معزل عن أهلهم. كان يفرض عليهم التحدث فقط بالانجليزية أو الفرنسية ، ومنعوا من استخدام لغتهم الأصلية. كان يتم وضع الأطفال في مدارس بعيدة عن ذويهم كوسيلة لعزلهم ، ووضع العراقيل والصعوبات أمام الأهل لمنعهم من زيارة أطفالهم .

كان تأثير نظام المدارس الداخلية سلبياً جداً حيث تبين أن الأطفال كانوا يتعرضون لممارسات غير انسانية من تعذيب جسدي ونفسي. فقد أدى قطع العلاقة مع عائلتهم ومجتمعهم الأصلي الى أزمة هوية ، بحيث أصبحوا غير قادرين على الأندماج في مجتمعهم الأصلي ولا يعتبرون أنفسهم جزءاً من “الثقافة الكندية “. وتشير التقديرات إلى أن 6000 على الأقل من هؤلاء الطلاب لقوا حتفهم خلال حضور هذه المدارس ، وبحسب الدراسات فقد ارتبط نظام Indian residential school بانتشار حالات اضطراب ما بعد الصدمة (Post Traumatic stress disorder)، وإدمان الكحول ، وتعاطي المخدرات والانتحار، والتي لا تزال مستمرة داخل مجتمعات السكان الأصليين.

في عام 2008 قام رئيس الوزراء آنذاك ستيفن هاربر بتقديم اعتذر رسمي عن دور الحكومة في هذه المأساة. وفي العام نفسه تم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق (Truth and Reconciliation Commission) للتحقيق في ممارسات المدارس الداخلية وتأثيرها على السكان الأصليين. في عام 2015 اصدرت اللجنة تقريرها المكون من 4 آلاف صفحة تحتوي على شهادات تفصيلية من طلاب تلك المدارس.

ليتذكر الجميع قبل الحكم المسبق عليهم أن السكان الأصليين هم من أكثر الشعوب التي عانت من الظلم على مدى التاريخ ، ويجب علينا على أقل تقدير أن نكون متعاطفين معهم ، نحترمهم وندعم قضاياهم ، ونتذكر أن موضوع السكان الأصليين هو موضوع إنساني ، كان فيه الظلم سمة عامة في التعامل مع أهل الارض. ولا أرى أقل من معاملة هؤلاء اللذين ظلموا بشيء من الاحترام والتقدير ، لعل هذا يعيد اليهم شيئاً من الذي فقدوه طوعاً أو كرهاً .. كما ان معرفة تاريخهم وما تعرضوا له يُعد شيئاً مهماً في اعتقادي لانه لا سبيل لنا لاصلاح المستقبل إلا بالاستفادة من دروس الماضي.

أشرف عمر

المصدر: هنا

بواسطة راديو بيتنا

صوت المهاجر العربي من راديو بيتنا تأسس عام 2010 ويتخذ من مدينة وندسور بمقاطعة أونتاريو مركزاً له. ويُعنى بالشأن الفني والاجتماعي والاقتصادي في كندا والولايات المتحدة الأمريكية.